السؤال
أتمنى منكم أن ترشدوني إلى أعمال يحبها الله، حتى أكررها في رمضان.
فإذا صليت العشاء ثم التراويح، وقرأت قليلا من القرآن، أتعب وأتوقف، وإذا أكملت، فإنني لم أعد أقرأ بتدبر، ثم أتوقف عن القراءة، وأكون فارغة لا أدري ماذا أفعل، حتى الساعة الثانية، ثم أبدأ وأصلي الوتر، فأنا أريد عملا صالحا أشغل به نفسي في رمضان، إذا فترت من قراءة القرآن، والصلاة؛ فإنه تمضي علي ساعات لا أدري ما أفعل بها؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة الكريمة على اهتمامها بدينها، والحرص على استغلال وقتها، وخاصة في رمضان؛ فإن الوقت نعمة من نعم الله تعالى على العبد، وتضييعه وعدم استغلاله فيما لا ينفع في الدين أو الدنيا، خسارة كبيرة؛ ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ. رواه البخاري.
ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده، أنه نوع لهم أنواع الطاعات؛ ليكونوا في طاعة وعبادة، وصلة به دائمة؛ فإذا تعب العبد من الصلاة أو التلاوة، فإن بإمكانه أن يشتغل بغيرها، كالذكر، أو تعلم العلم النافع.. ولو اشتغل بغيرها من العادات والمباحات؛ ليتقوى بها على الطاعة، فإنه في عبادة أيضا، وهذا كما قال معاذ -رضي الله عنه-: إني لأحتسب نومتي، كما أحتسب قومتي. والأثر في الصحيحين.
وجاء في مجموع الفتاوى لابن عثيمين -رحمه الله-: واعلم أن تنوع العبادات والأذكار من نعمة الله -عز وجل- على الإنسان؛ وذلك لأنه يحصل بها عدة فوائد، منها:
أن تنوع العبادات، يؤدي إلى استحضار الإنسان ما يقول من الذكر؛ فإن الإنسان إذا دام على ذكر واحد، صار يأتي به بدون أن يحضر قلبه، فإذا تعمد وقصد تنويعها، فإنه بذلك يحصل له حضور القلب.
ومن فوائد تنوع العبادات: أن الإنسان قد يختار الأسهل منها والأيسر لسبب من الأسباب؛ فيكون في ذلك تسهيل عليه.
ومنها: أن في كل نوع منها ما ليس في الآخر، فيكون في ذلك زيادة ثناء على الله -عز وجل. اهـ.
ولذلك؛ فإن بإمكانك أن تسدي الفراغات التي عندك بالأذكار، مثل: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم؛ فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. متفق عليه.
ومثل: الباقيات الصالحات، فقد قال صلى الله عليه وسلم في شأنها: أفضل الكلام بعد القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه أحمد، وغيره، ومثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ففضائلها كثيرة، وراجعي الفتويين: 46915، 310375.
كما أن بإمكانك أن تقرئي، أو تستمعي، أو تشاهدي ما ينفعك في دينك أو دنياك -نسأل الله لنا ولك، التوفيق لما يحبه ويرضاه-.
والله أعلم.