تفسير قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ...

0 119

السؤال

آية آمن الرسول-البقرة 285-(آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ) ، كل آمن بالله و..... تفصيل بعد إجمال مما يعني أن ( الله وملائكته وكتبه ورسله ) أنزلوا إلى الرسول والمؤمنين من رب الرسول ، الله أنزل إلى الرسول والمؤمنين من رب الرسول ، ألا يقر هذا النص مبدأ و مفهوم الآفاتار Avatar الموجود في الديانة الهندوسية. أرجو الرد. شكرا .

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإنك أيها الأخ قد أكثرت من الأسئلة الغريبة العجيبة التي تجتمع فيها الجرأة على كتاب الله جل وعلا ، والاعتراض على أساليبه. فلا ندري ما الذي تريد الوصول إليه من تلك الأسئلة ؟!

فليتك أيها الأخ انتصحت بما نصحناك به سابقا ، من وجوب التأدب مع كتاب الله جل وعلا، واتقاء الجرأة على معانيه .

وسؤالك هذا لغرابته وتهافته فالأولى فيما نرى الإعراض عنه ! ، ومع ذلك وبغض النظر عن معنى الآية الكريمة ، فهل يتوهم عاقل -فضلا عن مسلم- أن آية من كتاب الله العظيم يمكن أن تقر العقيدة الباطلة السخيفة التي ذكرتها ؟.

وبخصوص معنى الآية الكريمة : فلم نقف على أحد من المفسرين قد ذكر أصلا أن قوله تعالى: (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) تفصيل لما أجمل في قوله (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) !

قال شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري في تفسير هذه الآية : يعني بذلك جل ثناؤه: صدق الرسول = يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقر ="بما أنزل إليه"، يعني: بما أوحي إليه من ربه من الكتاب، وما فيه من حلال وحرام، ووعد وعيد، وأمر ونهي، وغير ذلك من سائر ما فيه من المعاني التي حواها. صدق الرسول = يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقر ="بما أنزل إليه"، يعني: بما أوحي إليه من ربه من الكتاب، وما فيه من حلال وحرام، ووعد وعيد، وأمر ونهي، وغير ذلك من سائر ما فيه من المعاني التي حواها. قد قيل: إنها نزلت بعد قوله: "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير"، لأن المؤمنين برسول الله من أصحابه شق عليهم ما توعدهم الله به من محاسبتهم على ما أخفته نفوسهم، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلكم تقولون: "سمعنا وعصينا" كما قالت بنو إسرائيل! فقالوا: بل نقول: "سمعنا وأطعنا"! فأنزل الله لذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله"، يقول: وصدق المؤمنون أيضا مع نبيهم بالله وملائكته وكتبه ورسله، الآيتين. وقد ذكرنا قائلي ذلك قبل .اهـ.

وقال ابن عطية: سبب هذه الآية أنه لما نزلت (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) -الآية التي قبلها- وأشفق منها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ثم تقرر الأمر على أن قالوا: سمعنا وأطعنا، فرجعوا إلى التضرع والاستكانة، مدحهم الله وأثنى عليهم في هذه الآية، وقدم ذلك بين يدي رفقه بهم وكشفه لذلك الكرب الذي أوجبه تأولهم، فجمع لهم تعالى التشريف بالمدح والثناء ورفع المشقة في أمر الخواطر، وهذه ثمرة الطاعة والانقطاع إلى الله تعالى، كما جرى لبني إسرائيل ضد ذلك من ذمهم وتحميلهم المشقات من المذلة والمسكنة والجلاء إذ قالوا سمعنا وعصينا، وهذه ثمرة العصيان والتمرد على الله عاذنا الله من نقمه، و(آمن) معناه صدق، و(الرسول) محمد صلى الله عليه وسلم، و(بما أنزل إليه من ربه) هو القرآن وسائر ما أوحي إليه، من جملة ذلك هذه الآية التي تأولوها شديدة الحكم، و(كل) لفظة تصلح للإحاطة، وقد تستعمل غير محيطة على جهة التشبيه بالإحاطة والقرينة تبين ذلك في كل كلام، ولما وردت هنا بعد قوله (والمؤمنون) دل ذلك على إحاطتها بمن ذكر. والإيمان بالله هو التصديق به وبصفاته ورفض الأصنام وكل معبود سواه. والإيمان بملائكته هو اعتقادهم عبادا لله، ورفض معتقدات الجاهلية فيهم. والإيمان بكتبه هو التصديق بكل ما أنزل على الأنبياء الذين تضمن ذكرهم كتاب الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، أو ما أخبر هو به. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات