هل كفالة اللقيط ككفالة اليتيم؟

0 104

السؤال

أولا: بارك الله فيكم على موقع إسلام ويب، وأنا أستفيد من هذا الموقع كثيرا -أعانكم الله، ووفقكم دائما لما فيه الصلاح والخير-.
سؤالي هو: أنا متطوعة في إحدى دور الأيتام، وتدور في ذهني عدة أسئلة، فإن فئة من الأطفال المقيمين في دار الأيتام -كما تعلمون- يكونون أطفالا نتيجة علاقات غير شرعية، وأرى دائما نظرة المجتمع اتجاههم، نظرة فيها ريبة، أفليس من حق هؤلاء الأطفال أن يعيشوا مثل باقي الناس؟ والذنب يقع على آبائهم وأمهاتهم فقط، أليس كذلك؟ فليس عليهم ذنب، وعندما يكبرون يحق لهم أن يتزوجوا من أشخاص من عائلة عادية، يعني أشخاص من أب وأم متزوجين شرعيا. وهل من يقوم على رعايتهم يعتبر في حكم كافل اليتيم؛ لأنهم في الأصل ليسوا أيتاما: آباؤهم وأمهاتهم أحياء، ولكنهم تخلوا عنهم؟ وهل صحيح ما سمعته من أحد الشيوخ أنه لو وقع رجل وامرأة في الزنا، ونتج عن ذلك حمل، وبعد ذلك تزوجا بعقد شرعي، وسجل الطفل باسم والده، فهذا الطفل يكون حكمه أنه ابن شرعي، بحكم زواج أمه وأبيه لاحقا، أو يبقى غير شرعي حتى بعد الزواج؛ لكونه ولد قبل زواج أمه وأبيه بعقد شرعي؟ وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنقول ابتداء: إن مثل هؤلاء الأطفال لا يعتبرون أيتاما بالمعنى الشرعي لليتيم، فمجرد كون الواحد منهم ولد زنا، أو مجهول النسب، لا يجعله يتيما، ولكن لا شك في أنهم يحتاجون إلى العناية بهم، ورعايتهم، فتلك قربة من أعظم القربات، ومن الإحسان الذي يحبه الله عز وجل، ويحب أهله، قال الله سبحانه: وأحسنوا إن الله يحب المحسنين {البقرة:195}، وقد يكونون من جهة أشد حاجة إلى الإحسان والرعاية، ويكون الأجر في ذلك أعظم من أجر كفالة اليتيم.

قال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي في شرحه على زاد المستقنع، بعد كلام طويل له: اللقيط ليس بيتيم، ولا يجوز أن نحكم بأنه يتيم، أو يأخذ حكم اليتيم؛ لأن اليتيم هو من فقد أباه، وهو دون البلوغ... فليس هناك دليل على أن اللقيط يتيم، أو أن والده موجود أو غير موجود؛ فلذلك لا يأخذ اللقيط حكم اليتيم، لكن الشفقة عليه، والإحسان إليه، والبر به، وتفقده، ونحو ذلك، لا شك أنه من أجل الأعمال، وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى، فالذي يرحم اللقيط، ويحسن إليه، ويتفقد مشاعره، أجره عظيم. ولذلك قال بعض أهل العلم ممن أدركناه من مشايخنا: إن أمر اللقيط صعب؛ لأنك تحتاج أول شيء أن تقوم بحقوقه، وتتحفظ من أذيته، ويكون له داخل البيت وضع خاص؛ خاصة إذا لقط وهو صغير لم يميز الأمور، ولما يميز قد يبدأ يسأل: من أبوه؟ من أمه؟ ويكون الأمر في حقه صعبا ومحرجا؛ ولذلك أمر اللقيط فيه ثواب عظيم، وقد يفوق الإحسان إلى اليتيم، إذا اتقى لاقطه الله عز وجل، وبالغ في إكرامه، والإحسان إليه، وقد قال تعالى: {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} [الكهف:30]. اهـ.

جاء هذا الكلام في جواب سؤال مفاده: هل يأخذ اللقيط حكم اليتيم من كل وجه؟

وينبغي مراعاة الأحوال النفسية لهؤلاء الأطفال، والاجتهاد في محاولة دمجهم في المجتمع، وعدم إشعارهم بالدونية، ونحو ذلك، فهم لا ذنب لهم فيما حدث، وراجعي الفتوى رقم: 6940. ومن كان منهم صاحب دين وخلق، فلا حرج في تزويجه، فكونه ولد زنا، أو مجهول النسب، لا يمنع شرعا من تزويجه، كما بينا في الفتوى رقم: 133105.

 وننبه إلى أن الواجب على المجتمع المسلم حراسة الفضيلة، والعمل على ما يصون الناس عن أسباب الفتن والفواحش، فالتساهل في هذا الباب، هو السبب في وجود أمثال هؤلاء الأطفال، وذلك من البلاء العظيم -نسأل الله تعالى العافية، والسلامة-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة