منع تصدير أهل الكتاب في المجالس... رؤية واقعية

0 110

السؤال

يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في شرحه الممتع على زاد المستنقع: قوله: ولا يجوز تصديرهم في المجالس أي: لا يجوز أن يكونوا في صدر المجلس، بل في آخره، هذا عند ابتداء الجلوس لا إشكال فيه، أي: إذا دخل جماعة من المسلمين، ومعهم أحد من أهل الذمة، فإنه لا يمكن أن يتقدم أهل الذمة حتى يكونوا في صدر المجلس؛ لأن صدر المجلس إنما هو لأشراف القوم وأسيادهم، وهم ليسوا من أهل الشرف والسيادة.
لكن إذا كانوا في مجلس جالسين، ثم دخل جماعة من المسلمين. هل يقامون من صدر المجلس؟
الجواب: نعم، إذا كان المجلس عاما، أما إذا كان المجلس بيتا لهم، فهم في بيوتهم أحرار، وإن كان عاما فإنهم لا يصدرون في المجالس؛ لأن الإسلام هو الذي له الشرف، وهو الذي يعلو ولا يعلى عليه. انتهى.
فلم أفهم ذلك؟ أي أنني إذا دخلت محاضرة مثلا في الجامعة، ووجدت طالبة مسيحية -أكثر مني اجتهادا والتزاما- قد أتت مبكرة وجلست في الصف الأمامي. أيكون من حقي، بل ربما من واجبي أيضا أن أجعلها تقوم من مكانها وتتركه لي، وأنا التي أتيت متأخرة وجعلتها تسبقني؟! أو ليس حقها أسبق؟ كما نص غير واحد من أهل العلم، على أنه لا يجوز للذمي تعلية داره على جاره المسلم، ولا حتى مساواته؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ولكنهم قالوا أيضا إنه لو ملك دارا عالية لم يكلف هدمها؛ لأن حقه أسبق.
فأفتوني مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا تطالبين شرعا بإقامة الطالبة النصرانية التي سبقتك إلى مقعد الدراسة في الجامعة من مكانها، وكثير من الأحكام التي ذكرها الفقهاء في كيفية معاملة أهل الذمة ووجوب تمييزهم عن المسلمين، والمبنية على ما جاء في الكتاب أو السنة، أو فعل الصحابة، كثير من تلك الأحكام يتعذر في هذا العصر المطالبة بها في بلاد المسلمين، فضلا عن تطبيقها، ومن تلك الأحكام الذي ذكرها الفقهاء منع تصديرهم في المجالس؛ لأن فيه تعظيما لهم، وقد حكم عليهم شرعا بالصغار.

  ومن المعلوم أننا في عصر استبدل فيه مفهوم أهل الذمة بمفهوم المواطنة، ولا يعامل فيه أهل الذمة بالصغار، وصاروا كالمسلين سواء، وقويت شوكتهم في كثير من بلاد المسلمين، ويستعينون بأهل ملتهم في الدول القوية، ولم يعد لكثير من أحكام أهل الذمة عليهم من سبيل، وصاروا يتقلدون المناصب الكبار والصغار كالمسلمين سواء، فلا يطالب المسلم في مثل هذه الحال بأن يقيم الواحد منهم من المجلس، وقد قال الله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. {سورة البقرة: 186}.

والله تعالى أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة