السؤال
عندي قطعة أرض اشتريتها بغرض السكن، وقبل عامين اشتريت أخرى بالتقسيط في مدينة أخرى بغرض السكن والاستثمار. فهل تجب علي زكاة؟ كذلك اشتريت بيتا بالتقسيط بغرض السكن. الآن أرغب في بيع القطعة الأولى، هل أخرج زكاة عن السنين الفائتة (14) عاما؟ علما بأنني نويت البيع الآن بعد أن انتهيت من أقساط الأرض الثانية.
وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا يلزمك إخراج زكاة الأرض الأولى التي اشتريتها بنية السكن ثم نويت الآن بيعها، لأنك اشتريتها ابتداء بغير نية التجارة فيها فلا تعتبر عرض تجارة تجب فيه الزكاة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين: أن يملكه بفعله كالبيع. والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة. انتهى.
وفي الروض المربع ممزوجا بمتن زاد المستقنع، وهو يذكر زكاة العروض: (فإن ملكها بـ) غير فعله كـ(إرث أو) ملكها (بفعله بغير نية التجارة ثم نواها)، (لم تصر لها) أي للتجارة؛ لأنها خلاف الأصل في العروض. اهـ، فلا زكاة عليك إذن في تلك الأرض، وإنما يلزمك زكاة ثمنها إذا بعتها بعد أن تستقبل به حولا هجريا.
والبيت الذي اشتريته بغرض السكن لا زكاة عليك فيه، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة. متفق عليه، قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم عند الكلام على هذا الحديث: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها، وأنه لا زكاة في الخيل والرقيق إذا لم تكن للتجارة، وبهذا قال العلماء كافة من السلف والخلف. اهـ، وقال الوزير ابن هبيرة أجمعوا على أنه ليس في دور السكن وثياب البذلة وأثاث المنزل ودواب الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة. اهـ
والأرض التي اشتريتها قبل سنتين للسكن لا زكاة عليك فيها، وقولك إنك اشتريتها للسكن والاستثمار، إن كنت تعني بالاستثمار أنك ستؤجرها، فإنه لا زكاة في قيمتها؛ كما ذكرنا، وإنما في مدخولها إذا بلغ نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من أموال زكوية أخرى، وكذلك لو كانت نيتك عند الشراء أنها للسكن، ولكن ربما تبيعها، ولم تتمحض النية للبيع، فكذا لا زكاة عليك فيها.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : رجل عنده أرض واختلفت نيته فيها، لا يدري هل هو يبيعها أو يعمرها أو يؤجرها أو يسكنها، فهل يزكي إذا حال الحول؟
فأجاب بقوله: هذه الأرض ليس فيها زكاة أصلا ما دام ليس عنده عزم أكيد على أنها تجارة، فليس فيها زكاة لأنه متردد، ومع التردد لو واحدا في المائة فلا زكاة عليه. انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين. (18/232).
وسئل أيضا: إذا كان الإنسان مترددا يقول: والله ما أدري أتجر بها أو أبقيها، مثلا عنده أرض يقول: لا أدري أتجر بها أو أبقيها أو أعمر عليها عمارة هل فيها زكاة أو لا؟
فأجاب: ليس فيها زكاة؛ لأن الأصل عدم وجوب الزكاة حتى تتمحض النية لإرادة التجارة. انتهى من اللقاء الشهري (3/5).
وأما إن كنت تعني بالاستثمار أنك تتربص بها السوق، فإذا ارتفع سعرها بعتها، ولكنك ستسكنها خلال فترة التربص، فهذه تجب زكاتها ما دمت اشتريتها بهذه النية؛ لأنها تعتبر من عروض التجارة، فتقومها كل سنة عند مرور الحول على أصل المال الذي اشتريته بها، وتخرج من قيمتها ربع العشر أي 2.5%.
والله تعالى أعلم.