السؤال
كيف نوفق بين كون الكسوف والخسوف من آيات الله التي يخوف بها عباده، وأنها غضب من الله توجب علينا الفزع للصلاة والذكر والدعاء، وبين علمنا المسبق بها قبل حدوثها بوقت طويل، ولو كان ذلك حاصل على وقت النبي صلى الله عليه وسلم هل كان فزعه سيكون بهذه الدرجة فيخرج إلى المسجد بدون رداء حتى يلحقونه بردائه. وجزاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكسوف والخسوف من آيات الله التي يخوف بها عباده، ولا يدري المؤمن ما يصاحب ذلك من عذاب أو نقمة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم: يفزع إذا رأى السحاب أو الريح. وكون الإنسان يتوقع عن طريق السنن الكونية والأسباب والمقدمات حدوث الآية لا يعني ذهاب خوفه وفزعه. ومما يوضح ذلك أن الإنسان يتوقع نزول المطر برؤية السحاب وغير ذلك من العلامات، لكنه لا يدري ما نوع هذا المطر وما لبثه في الأرض. ولا يعلم نفعه وضره، ولا ما يصاحبه من عذاب وهذا ما يوجب الخوف. وهذا عكس حال أهل الغفلة كما قال الله عن المشركين الذين رأوا السحاب فانتظروا المطر، وإذا فيه هلاكهم وعذابهم. قال الله تعالى: (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم) [الأحقاف: 24]. ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأشدهم خوفا منه، كان منه هذا الفزع. روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سري عنه، فعرفته عائشة ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أدري لعله كما قال قوم: (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم....) [الأحقاف: 24]. روى مسلم: "إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه وأقبل وأدبر" الحديث. والله أعلم.