0 121

السؤال

هل تذهب الجنابة التحصين؟ وهل من الممكن أن يضرني شيء في الفترة ما بين الجنابة والغسل، وهي ساعة تقريبا؟ وكيف أصنع في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي نعرفه من ذلك أن الجنب لا تقربه الملائكة، إلا إذا توضأ وضوءه للصلاة؛ ولذلك تستحب المبادرة إلى غسل الجنابة، وإلا، فإلى الوضوء. ويتأكد هذا قبل النوم، والأكل، والشرب.

ولا يجب الاغتسال من الجنابة إلا بحضور الصلاة، وراجع في ذلك الفتويين: 95190، 57326.

وقد نص بعض أهل العلم على أن هؤلاء الملائكة نوع من جملة الملائكة لا كلهم، كما اختلفوا في صفة الجنب الذي لا تقربه الملائكة، قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب: المراد بالملائكة هنا هم الذين ينزلون بالرحمة والبركة دون الحفظة؛ فإنهم لا يفارقونه على حال من الأحوال، ثم قيل: في حق كل من أخر الغسل لغير عذر، ولعذر إذا أمكنه الوضوء، فلم يتوضأ، وقيل: هو الذي يؤخره تهاونا وكسلا، ويتخذ ذلك عادة. اهـ.

وقال الطيبي في شرح المشكاة: والمراد به الجنب الذي يتهاون في الغسل، ويؤخره حتى يمر عليه وقت الصلاة، ويجعل ذلك دأبا وعادة له، فإنه مستخف بالشرع، متساهل في الدين، لا أي جنب كان؛ لما ثبت من تأخيره عليه الصلاة والسلام غسل الجنابة من موجبه زمانا، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد، وكان ينام بالليل وهو جنب. اهـ.

وقال الصنعاني في التنوير: قال الكلاباذي: يجوز أنه في من اجتنب من محرم، أما من حلال، فلا تجتنبه الملائكة، ولا البيت الذي هو فيه؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا بغير حلم، ويصوم ذلك اليوم، وكان يطوف على نسائه بغسل واحد. ويجوز أنه فيمن اجتنب باحتلام، وترك الغسل مع وجود الماء، فبات جنبا؛ لأن الحلم من الشيطان، فمن تلعب به في يقظة أو منام، تجنبه الملك الذي هو عدو الشيطان. اهـ.

ومن المقرر أنه لا حرج على الجنب أن يذكر الله تعالى، ويستعيذ به، ويدعوه، وأما قراءة القرآن، فلا، إلا ما كان على سبيل التعوذ، كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: لا يقرأ الجنب القرآن إلا الآية والآيتين عند مضجعه، أو يتعوذ لارتياع، ونحوه؛ لا على جهة التلاوة. اهـ. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 97102.

وجاء في (الموسوعة الفقهية): يباح للجنب الذكر، والتسبيح، والدعاء؛ لما روى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.

- يستحب للجنب إذا أراد أن ينام، أو يأكل، أو يشرب، أو يطأ ثانيا، أن يغسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة، وذلك عند الشافعية، والحنابلة، وهو قول عند المالكية؛ لما روى مسلم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا، فأراد أن يأكل، أو ينام توضأ وضوءه. وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا. رواه مسلم.

وفي القول الثاني للمالكية: أن الوضوء للنوم، أو لمعاودة الأهل واجب؛ لأن الجنب مأمور بالوضوء قبل النوم، فهل الأمر للإيجاب، أو للندب؟ قولان.

وأجاز الحنفية للجنب إذا أراد النوم، أو معاودة الأهل، الوضوء وعدمه .. اهـ.

وبهذا يتضح أن الجنب يمكنه كغيره تحصين نفسه بذكر الله، ودعائه، والاستعاذة به، بل وتلاوة آيات الرقية، والتعوذ -إذا احتاج إلى ذلك- عند بعض أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة