السؤال
ما حكم الأخذ بقول الشيخ سعد الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، بجواز اللعب بالنرد المعاصر؛ لأنه ليس النرد المحرم، والنرد المحرم موجودة في لعبة الطاولة الشهيرة. أرجو عدم إحالتي للفتاوى؛ فقد قرأتها كلها، وشكرا.
ما حكم الأخذ بقول الشيخ سعد الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، بجواز اللعب بالنرد المعاصر؛ لأنه ليس النرد المحرم، والنرد المحرم موجودة في لعبة الطاولة الشهيرة. أرجو عدم إحالتي للفتاوى؛ فقد قرأتها كلها، وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التفريق بين السؤال عن حكم المسألة، وبين السؤال عن حكم الأخذ بقول عالم معين فيها: فالأول: مبناه على الأدلة والترجيح، وأما الثاني: فمبناه على حكم التقليد.
فكل من يجوز له التقليد، يجوز له الأخذ بقول من يعتد به من أهل العلم، بشرط أن لا يكون ذلك تشهيا واتباعا للهوى، فإذا اختلف عليه المفتون، قلد الأوثق في نفسه ممن يظن أنه أقرب لإصابة الحق، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 169143، 169801، 120640.
وأما بخصوص قول الأستاذ الدكتور الشيخ سعد الخثلان، فنص فتواه -كما في موقعه-: اللعب بالنردشير محرم بالإجماع، لكن ما معنى النردشير أو النرد، ليس هو لعبة الزهر الموجودة الآن، ليس هذا هو النرد، إنما النرد هو شبيه بلعبة الطاولة؛ وذلك لأنه انتقل للعرب عن طريق المجوس، وكان قد اخترعوه أحد ملوك العجم سابان، ولهم معتقدات فيه، فانتقل للمسلمين؛ فلذلك منع، لكن ليس هو النرد المعروف الآن يسميه الناس الزهر، أو النرد ليس هو المقصود بالحديث، يبقي ما هو حكم اللعب بهذا النرد، نقول: الأصل فيه الإباحة، إلا إذا أوقع في محرم، أو ألهاه عن واجب. اهـ.
وما ذكره الشيخ في تعريف النرد، قد سبقه إليه غير واحد من أهل العلم، من شراح الحديث، وغيرهم، قال التوربشتي في شرح مصابيح السنة: النردشير هو النرد الذي يلعب به، وهو من موضوعات شابور بن أردشير بن بابك. أبوه أردشير أول ملوك الساسانية، شبه رقعته بوجه الأرض، والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة، والرقوم المجعولة ثلاثين بثلاثين يوما، والسواد والبياض بالليل والنهار، والبيوت الاثنا عشرية بالشهور، والكعاب بالأقضية السماوية، واللعب بها بالكسب، فصار اللاعب به حقيقا بالوعيد المفهوم عن تشبيه أحد الأمرين بالآخر؛ لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على الله، واقتفاء أبنتيهم الشاغلة عن حقائق الأمور. اهـ. وتبعه القاري في المرقاة.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قيل: وسبب تحريمه، أن وضعه على هيئة الفلك بصورة شمس وقمر، وتأثيرات مختلفة تحدث عند اقترانات أوضاعه؛ ليدل بذلك على أن أقضية الأمور كلها مقدرة بقضاء الله، ليس للكسب فيها مدخل؛ ولهذا ينتظر اللاعب به ما يقضى له به. اهـ.
وذكر نحو ذلك ابن خلكان في وفيات الأعيان في ترجمة أبي بكر الصولي، ونقله عنه الدميري بعد ذكر العقرب في حياة الحيوان الكبرى، وزاد عليه.
وقال بطال الركبي في النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب: ليس النرد بعربي، وصورته: أن يكون ثلاثين بندقا، مع كل واحد من اللاعبين خمسة عشر، ويكون فيه ثلاث كعاب مربعة، تكون في أرباع كل واحدة، في ربع ست نقط، وفي المقابلة نقطة، وفي الربع الثاني خمس نقط، وفي المقابلة نقطتان، وفي الربع الثالث أربع نقط، وفي المقابلة ثلاث نقط. اهـ.
وجاء في المعجم الوسيط: (النرد) لعبة ذات صندوق وحجارة، وفصين تعتمد على الحظ، وتنقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به الفص (الزهر)، وتعرف عند العامة ب (الطاولة). اهـ.
والمقصود هو بيان وجه قول الشيخ في تعريف النرد، وأما الترجيح فأمر آخر.
والله أعلم.