السؤال
أولا: أشكركم على جهدكم المبذول في خدمة الإسلام، وسرعة الرد، جعله الله في ميزان حسناتكم.
السؤال: ما حكمة الله تعالى في وجود أحاديث ضعيفة وصحيحة؟ مع العلم أني أعلم أن الله حفظ الأحاديث، ولكن لماذا ليست مثل القرآن؟
أولا: أشكركم على جهدكم المبذول في خدمة الإسلام، وسرعة الرد، جعله الله في ميزان حسناتكم.
السؤال: ما حكمة الله تعالى في وجود أحاديث ضعيفة وصحيحة؟ مع العلم أني أعلم أن الله حفظ الأحاديث، ولكن لماذا ليست مثل القرآن؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلعل الأخ السائل لا يستشكل حفظ السنة والأحاديث النبوية إجمالا، وإنما يستشكل كون هذا الحفظ ليس في مستوى حفظ القرآن من حيث حفظ الألفاظ!
وجواب ذلك يتضح بمجرد تصور فحوى السؤال، وما يستلزمه حصول مضمونه! فإن القرآن حفظ بالنقل المتواتر تواترا قطعيا جيلا عن جيل، وليس ذلك في ألفاظه فحسب، بل وحتى في طريقة أدائه، فرشا وأصولا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 21627.
ولك أن تتخيل مدى المشقة والعنت البالغ، لو كلفت الأمة بنقل السنة النبوية كلها بالتواتر المعنوي، فضلا عن التواتر اللفظي! فإن هذا لا يكاد يتيسر، ولا يمكن تحقيقه مع تفصيلات السنة، ودقائق أحوالها، وكثرة فروعها! فكان من السعة ومظاهر الرحمة أن يكتفى فيها بنقل الآحاد المستجمع لشروط الصحة، وهذا – كما لا يخفى – يقتضى وضع القواعد والأصول التي يمكن بها التمييز بين الصحيح والضعيف، بل وبين مراتب كل منهما، وهذا ما تميزت به الأمة الإسلامية، وتفردت به الملة المحمدية، أعني علم الحديث، هذا العلم الشريف الذي هيأ الله له رجالات أفذاذا من هذه الأمة: حفظا، ونقدا، رواية، ودراية، صان بهم نقل السنة، وميز بهم أسانيدها ومراتبها، وراجع في هذا المعنى الفتوى رقم: 132402، وبذلك يمكن القول: إن تمييز الأحاديث الضعيفة هو في حد ذاته مظهر من مظاهر حفظ السنة النبوية، على صاحبها الصلاة والسلام.
ومع هذا نقول: إن السنة القولية والعملية التي يحتاج إليها المسلمون في أمر دينهم عموما، وفي فهم القرآن خصوصا، قد نقلت إليها نقلا صحيحا، تطمئن إليه النفوس، بل إن منها جانبا ليس بالهين قد نقل بالتواتر الذي يفيد العلم الضروري.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد سبقت لنا الإشارة إلى الحكمة من تفاوت أدلة الشرع في الدلالة والثبوت، وذلك في الفتوى رقم: 346519. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى التالية: 69009، 204400، 150109، 107459. وراجع في كون حفظ القرآن يدل باللزوم على حفظ السنة، الفتويين: 357661، 190683.
والله أعلم.