السؤال
أسرتي تعتقد في الأعمال وفك السحر، وقد ذهبت أختي إلى مسيحية لتعمل لها عملا يعيد لها زوجها الذي عقد قرانها وسافر، وأنا لا أعتقد في هذا، وعندي يقين تام بأن كل شيء في هذه الدنيا هو اختبار من الله عز وجل، وقد علقت بمنزلنا هذا العمل كما نصحتها هذه السيدة، وأنا أخاف من الصلاة في نفس المكان الموجود به هذا العمل. فماذا أفعل؟جزاكم الله عني خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسحر يحرم تعاطيه وطلبه وتصديق أهله، ويكفي في التحذير منه قول الله -جل وعلا-: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون [البقرة:102].
وفي سنن البيهقي ومسند أبي يعلى عن عبد الله بن مسعود قال: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد.
ولا يجوز فك السحر بمثله، إنما يجوز فكه بما شرع الله من علاج، وراجعي الفتاوى التالية: 8631، 5856، 5252.
وإذا عرفت هذا، فالواجب عليك تحذير أختك وأسرتك من استعمال السحر وإتيان السحرة، وننصحك بإطلاعهم على هذه الفتوى، فإن قبلوا فالحمد لله، وإلا فعليك بتلمس الطرق والوسائل الكفيلة بكفهم عن ذلك، ما استطعت إلى ذلك سبيلا، ولو بالاستعانة بمن له نفوذ عندهم وتأثير عليهم، وبالنسبة للسحر المعلق في المنزل، فالواجب على كل مستطيع لإزالته أن يزيله، وراجعي للأهمية الفتوى: 18351.
أما الصلاة في نفس المكان الموجود به هذا السحر، فهي صحيحة مع الكراهة، لأنه من المعلوم أن السحر تحضره الشياطين، وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى كراهة الصلاة في الأماكن التي تحضرها الشياطين، واستدلوا على ذلك بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه لما ناموا عن الصلاة فلم يستيقظوا حتى طلعت الشمس: ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، قال: ففعلنا ثم دعا بالماء فتوضأ ثم سجد سجدتين. رواه مسلم.
قال شيخ الإسلام: فأخر الصلاة عن الوقت المأمور به لكون البقعة حضر فيها الشيطان، وتلك البقعة تكره الصلاة فيها وتجوز، لكن يستحب الانتقال عنها، وقد نص على ذلك أحمد بن حنبل وغيره. اهـ.
وقال في موضع آخر: ومذهبه -أي مذهب أحمد- الظاهر عنه أن ما كان مأوى للشياطين كالمعاطن والحمامات حرمت الصلاة فيه، وما عرض الشيطان فيه كالمكان الذي ناموا فيه عن الصلاة كرهت فيه الصلاة. اهـ.
وعليه، فيستحب لك ترك الصلاة في هذا المكان الذي علق فيه السحر إلى أن تتم إزالته، ما لم يفض ذلك إلى ترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها، وراجعي الفتويين: 10836، 13277.
والله أعلم.