السؤال
لدي استفسار بخصوص تزوير الأموال.
أعمل في تزوير الأموال، وأزورها طبق الأصل، وأتبرع بكثير من الأموال للفقراء والمساكين واليتامى.
أعمل في هذا العمل؛ لأني لم أجد عملا غيره.
سؤالي: هل عملي حرام؟
لدي استفسار بخصوص تزوير الأموال.
أعمل في تزوير الأموال، وأزورها طبق الأصل، وأتبرع بكثير من الأموال للفقراء والمساكين واليتامى.
أعمل في هذا العمل؛ لأني لم أجد عملا غيره.
سؤالي: هل عملي حرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري، هل يشكل على السائل بالفعل حكم ما سأل عنه؟! وعلى أية حال، فلا ريب في أن تزوير النقود عمل محرم، وغش منكر، وظلم للناس، وفساد في الأرض. ومما يزيد الطين بلة أن المزور يموت يوم يموت، وأثر عمله السيء باق ووزره عليه!
وقد قسم الغزالي الظلم الذي يستضر به الغير إلى قسمين: ما يعم ضرره، وما يخص المعامل.
ثم ذكر تحت القسم الأول فيما يعم ضرره، أنواعا، أولها: الاحتكار.
وأما النوع الثاني فقال فيه: ترويج الزيف من الدراهم في أثناء النقد، فهو ظلم؛ إذ يستضر به المعامل إن لم يعرف، وإن عرف فسيروجه على غيره، فكذلك الثالث والرابع، ولا يزال يتردد في الأيدي، ويعمم الضرر ويتسع الفساد، ويكون وزر الكل ووباله راجعا عليه، فإنه هو الذي فتح هذا الباب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن سنة سيئة، فعمل بها من بعده، كان عليه وزرها، ومثل وزر من عمل بها، لا ينقص من أوزارهم شيئا".
وقال بعضهم: إنفاق درهم زيف، أشد من سرقة مائة درهم؛ لأن السرقة معصية واحدة، وقد تمت وانقطعت، وإنفاق الزيف بدعة أظهرها في الدين، وسنة سيئة يعمل بها من بعده، فيكون عليه وزرها بعد موته إلى مائة سنة أو مائتي سنة، إلى أن يفنى ذلك الدرهم! ويكون عليه ما فسد من أموال الناس بسنته، وطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة أو أكثر، يعذب بها في قبره ويسأل عنها إلى آخر انقراضها، وقال تعالى: {ونكتب ما قدموا وآثارهم}، أي نكتب أيضا ما أخروه من آثار أعمالهم، كما نكتب ما قدموه. وفي مثله قوله تعالى: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} وإنما أخر آثار أعماله من سنة سيئة عمل بها غيره. اهـ.
وأما احتجاج السائل بأنه يعمل في ذلك؛ لأنه لم يجد عملا غيره، فلا يصح ولا يقبل! وإلا لصح لكل من لم يجد عملا أن يسرق من الناس، ويغشهم ويظلمهم. وكذلك تبرعه للفقراء والمساكين واليتامى، لا يغني عنه شيئا ما دام من كسب حرام، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وانظر الفتوى رقم: 198613.
والله أعلم.