حكم من شاهد أفلاما محرمة وحلف أنه لم يشاهد

0 122

السؤال

أنا شاب، وقد أخطأت في بعض الأحيان في أيام المراهقة، بأن كنت ألجأ أحيانا إلى مشاهدة الأفلام الإباحية، ولكن بفضل الله أقلعت عنها، وتبت، وعسى الله أن يتوب علينا وعليكم جميعا، ويتقبل منا توبتنا، ولكن منذ فترة كنا في جلسة، وتكلم بعض أصدقائي عن الأفلام الإباحية، وسألوني إن كنت شاهدتها من قبل في حياتي، وبما أنني قد تبت حلفت لهم أني لم أشاهدها قط في حياتي كلها. هل علي كفارة يمين أو لا؛ لأني حلفت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنحمد الله تعالى على توبتك، ونسأله أن يثبتك عليها، وكان الأولى بك أن توري بدون أن تحلف، فتقول إنك لم تشاهدها وتعني بعد توبتك، وإن تعذرت التورية جاز لك الكذب في مثل حالتك هذه طلبا للستر؛ لأن ستر العاصي لنفسه أمر واجب؛ لحديث: أيها الناس: قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه مالك في الموطأ، قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: وفيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضا في غيره ما لم يكن سلطانا يقيم الحدود .... اهـــ
وقد ذكر العلماء أن الواجب إذا لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر:
واعلم أن الكذب قد يباح وقد يجب؛ والضابط -كما في الإحياء- أن كل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا، فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل بالكذب وحده فمباح إن أبيح تحصيل ذلك المقصود، وواجب إن وجب تحصل ذلك، كما لو رأى معصوما اختفى من ظالم يريد قتله أو إيذاءه، فالكذب هنا واجب؛ لوجوب عصمة دم المعصوم، ... ومهما كان لا يتم مقصود حرب أو إصلاح ذات البين أو استمالة قلب المجني عليه إلا بالكذب فالكذب فيه مباح، ولو سأله سلطان عن فاحشة وقعت منه سرا كزنا أو شرب خمر فله أن يكذب ويقول ما فعلت .... اهــ
وأما حلفك فإنه لا يجوز لك أن تحلف كاذبا ما دمت غير مجبر على الحلف، وليس أصحابك ممن لهم القدرة على إجبارك على الحلف؛ كالسلطان أو القاضي، وكان يكفيك أن تنفي بدون أن تحلف، فاستغفر الله تعالى، ولو فرض أنك مجبر على الحلف فإن الفقهاء نصوا على جواز الحلف كذبا في حق المظلوم بالاستحلاف، جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب عند ذكر الأمور التي رخص في الكذب فيها وحكم الحلف فيها: فهذا ما ورد فيه النص، ويقاس عليه ما في معناه؛ ككذبه لستر مال غيره عن ظالم، وإنكاره المعصية للستر عليه أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها.... وأما الحلف فإن كان ظالما حنث .... وإن كان مظلوما كالذي يستحلفه ظالم على شيء لو صدقه لظلمه أو ظلم غيره أو نال مسلما منه ضرر فهنا له تأويله .... وحيث حلف كاذبا ولم يؤول حنث ولو مظلوما. اهـــ.
واليمين التي حلفتها كاذبا كانت على أمر ماض، والفقهاء مختلفون في وجوب الكفارة فيها، ولو كفرت كان أحوط.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة