مصافحة أحد الجنسين للآخر في بلاد الغرب لتجنب وصف الناس له بالوقاحة

0 104

السؤال

هل العبرة من منع السلام على الأنثى الفتنة؟ أي هل هو محرم لذاته أم لغيره: (الزنا)؟ فأنا في بلد أوربي، ومن عادة المسلمين هنا أن يسلم الرجال على النساء، والعكس إذا اجتمعوا في مكان عمل أو شراء وبيع، والذي لا يفعل هذا يكون في اعتبارهم وقحا وفظا (rude)، فما التوجيه الشرعي في هذا الأمر؟

الإجابــة

  الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسلام من الرجل على الأنثى إما أن يكون لفظا، وإما أن يكون مصافحة بقبض كفه بكفها:

فأما السلام باللفظ دون المصافحة، فجائز، مع أمن الفتنة، فعن أسماء بنت يزيد قالت: مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة، فسلم علينا. رواه أبو داود، والترمذي، وحسنه. قال في الموسوعة الفقهية: وأما إن كانت تلك المرأة شابة، يخشى الافتتان بها، أو يخشى افتتانها هي أيضا بمن سلم عليها، فالسلام عليها، وجواب السلام منها، حكمه الكراهة عند المالكية، والشافعية، والحنابلة، وذكر الحنفية أن الرجل يرد على سلام المرأة في نفسه إن سلمت هي عليه، وترد هي أيضا في نفسها إن سلم هو عليها، وصرح الشافعية بحرمة ردها عليه، وأما سلام الرجل على جماعة النساء، فجائز، وكذا سلام الرجال على المرأة الواحدة، عند أمن الفتنة. اهـ.

أما المصافحة بقبض كفه بكفها، فهو محرم عند جمهور الفقهاء، ولا سيما بين الشباب والشابات؛ سواء خيفت الفتنة أم أمنت، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وأما مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية الشابة، فقد ذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة في الرواية المختارة، وابن تيمية إلى تحريمها، وقيد الحنفية التحريم بأن تكون الشابة مشتهاة، وقال الحنابلة: وسواء أكانت من وراء حائل -كثوب، ونحوه- أم لا. اهـ وراجع الفتوى رقم: 1025.

ونصيحتنا لكم أن تجتنبوا مصافحة الأجنبيات، وتحافظوا على حدود الشرع، ولا تجاملوا أحدا -كائنا من كان- على حساب الدين، فلا ينبغي للمسلم أن يتهاون ويستسلم لعادات وأعراف الناس على حساب تمسكه بالشرع، بل ينبغي أن يعتز المسلم بإسلامه، ويستعلي بإيمانه، ويتحلى بأخلاقه، وأن يقدم مرضاة ربه، وسلامة دينه على إرضاء الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس رضا الله بسخط الناس، كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس. رواه الترمذي.

ويقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: والواجب على المؤمن أن يحكم الشرع لا العادة؛ لأن الشرع هو الحاكم، وهو الذي يجب علينا الرجوع إليه، قال الله تبارك وتعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)، وقال الله تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم)، وقال الله تبارك وتعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)، وعلى هذا؛ فالواجب العدول عن هذه العادات المخالفة للشرع، والإنسان إذا ترك ما اعتاده وألفه طاعة لله ورسوله، واتباعا لرضا الله ورسوله، فإنه يجد بذلك حلاوة الإيمان، ويطمئن قلبه، وينشرح صدره. اهـ.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة