السؤال
هل يجوز التوسل، أو التعوذ بفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وهل يجوز قول: اللهم صل على فاطمة وأبيها، وبعلها وبنيها، والسر المستودع فيها بعدد ما أحاط به علمك.
أو
بحق فاطمة وأبيها، والسر المستودع فيها ... إلى آخر نفس الذكر السابق؟!!
وهل يعتبر من الشرك بالله أم لا؟ مع العلم أني لست من المبتدعة، ولكني حضرت حلقة ذكر عن حياة السيدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- هنا في مدينتنا، وكانت صاحبة الدعوة باكستانية، والمفروض أننا كلنا نتبع السنة، ولكنهم أخذوا يذكرون هذا الذكر.
أرجوكم أفيدوني؛ لأني شعرت أن شيئا ليس صحيحا حيال ذلك الأمر.
جزاكم الله خيرا كثيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالمشروع للعبد هو أن يتعوذ بالله تعالى لا بالمخلوقين، وهذا ما جاء به الكتاب والسنة، ففي كتاب الله جاء الأمر بالاستعاذة بالله في عدة مواطن: فاستعذ بالله {الأعراف:200}،{النحل:98}، {غافر:56}،{فصلت:36}. وفيه: قل أعوذ برب الفلق {الفلق:1}، وفيه: قل أعوذ برب الناس {الناس:1}، وقالت مريم عليها السلام: إني أعوذ بالرحمن {مريم:18}، وهكذا الأنبياء والرسل كانوا يستعيذون بالله تعالى، لا بالمخلوقين، فقد قال نوح عليه السلام: قال رب إني أعوذ بك... {هود: 47} وقال موسى عليه السلام: ... قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين {سورة البقرة: 67}.
والله أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به، فقال: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك رب أن يحضرون {سورة المؤمنون:97 }.
وهكذا جاء في السنة الأمر بالتعوذ بالله تعالى، لا بالمخلوقين؛ ففي صحيح مسلم: تعوذوا بالله من عذاب القبر ... تعوذوا بالله من الفتن ... تعوذوا بالله من فتنة الدجال ... اهـ. وفي صحيح البخاري : ... فتعوذوا بالله من الشيطان ... اهـ. وفي الحديث أيضا: تعوذوا بالله، من جار السوء ... رواه النسائي، وغير ذلك كثير.
ولم يرد في الشرع مشروعية التعوذ بالمخلوقين، بل دل القرآن على أن الاستعاذة بالمخلوق من عمل أهل الجاهلية؛ ففي سورة الجن: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا {الجن:6}.
وقال العلماء إن الاستعاذة بغير الله شرك؛ لأن الاستعاذة معناها الاعتصام، والالتجاء في دفع المكروه والشرور، ودفع الضرر ودفع الشرور لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، فكل ما لا يقدر عليه إلا الله؛ فإنه لا يطلب إلا من الله، فإن طلب من غيره كان ذلك شركا، وهذا وجه كون الاستعاذة بغير الله من الشرك؛ لأن الاستعاذة عبادة، وصرف العبادة لغير الله شرك، فمن استعاذ بمخلوق ولو نبيا، أو رسولا، أو ملكا، أو من آل البيت، فقد وقع في الشرك بالله تعالى.
وقد سبق أيضا أن بينا عدم مشروعية التوسل بالمخلوق، في الفتوى رقم: 239746، فلا يجوز أن يدعى الله "بحق فلان" وكذا الصيغة المذكورة للصلاة: "اللهم صل على فاطمة وأبيها .... والسر المستودع فيها ..." هذه صيغة مبتدعة، وقد دلنا النبي عليه الصلاة والسلام على كيفية الصلاة عليه وعلى آل بيته الكرام، وانظري الفتوى رقم: 284392.
والذي ننصح به أختنا السائلة بعد تقوى الله تعالى، هو الحذر الشديد من أولئك المبتدعة، وعدم الجلوس معهم، أو حضور حلقاتهم وذكرهم المحدث؛ فإن من حضر معهم وصاحبهم وليس عنده علم شرعي، لم يلبث أن يدخل في مذهبهم الفاسد، وبدعتهم المنكرة، وانظري الفتوى رقم: 322921، والفتوى رقم: 19998.
والله تعالى أعلم.