تعريف الإيمان بالشهادتين هل يتعارض مع تفسيره بالاعتقاد بوجوده وربوبيته وألوهيته؟

0 112

السؤال

من خلال البحث عن الركن الأول للإيمان، وهو الإيمان بالله، أجد التعريف التالي: الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه وتعالى، وربوبيته، وألوهيته. ولكن أرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين معنى الإيمان بالله وحده في الحديث، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا من المغانم الخمس، وأنهاكم عن أربع: عن الدباء، والحنتم، والنقير، والمزفت، قال: وربما قال: المقير. احفظوهن، وادعوا إليهن من وراءكم.
سؤالي: لماذا لم يتم تعريف الإيمان بالله من خلال الحديث النبوي، ونجد تعاريف مختلفة؟ وشكرا

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا تعارض بين تعريف الإيمان الذي ذكرته أولا، وبين التعريف الذي ورد به الحديث: أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله ... إلخ. لأن معنى هذه الشهادة هو الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو المتفرد بالألوهية، أي: لا يستحق العبادة غيره، وهذا يستلزم أمرين:

الأول: الاعتقاد بوجوده؛ إذ كيف يتم الإيمان بألوهية الله دون الإيمان بوجوده؟!.

والثاني: يستلزم الاعتقاد بأنه الرب؛ إذ كيف يتم الإيمان بألوهية من ليس ربا؟!

وشهادة أن محمدا رسول الله هي الركن الثاني للشهادتين؛ لأن من آمن بالله تعالى، فإنه يصدق رسوله، ولا يكذبه.

وتأملي كيف قرن الله تعالى الإيمان برسوله مع الإيمان به: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله {النساء: 136}، ومن آمن بالله ورسوله، فإنه لا بد أن ينقاد بجوارحه، فيصدق هذا الإيمان بالعمل، فيقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويأتي بشرائع الإسلام، وقد قال الله تعالى في بني إسرائيل حين أمرهم بأن يعملوا بشريعته: بقوة. أي: بجد واجتهاد، وصبر على أوامر الله، فقالوا: سمعنا وعصينا، وعبدوا العجل، فقال الله لهم: قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين {البقرة:93}، وقد جاء عن الحسن البصري أنه قال: ليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني؛ ولكن ما وقر في القلب، وصدقته الأعمال .. اهــ. قال شيخ الإسلام: وقوله: ليس الإيمان بالتمني - يعني الكلام - وقوله: بالتحلي. يعني أن يصير حلية ظاهرة له، فيظهره من غير حقيقة من قلبه، ومعناه: ليس هو ما يظهر من القول، ولا من الحلية الظاهرة، ولكن ما وقر في القلب، وصدقته الأعمال، فالعمل يصدق أن في القلب إيمانا، وإذا لم يكن عمل كذب أن في قلبه إيمانا؛ لأن ما في القلب مستلزم للعمل الظاهر. اهـــ.

فظهر بهذا أن التعريف الذي يذكره العلماء للإيمان، وإن تعددت عباراتهم هو في حقيقته مأخوذ ومستل من هذا الحديث، وغيره من النصوص الشرعية، وأنه لا تعارض بينها.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة