السؤال
ما الدليل على وجوب ستر العورة في الصلاة؟ لم أجد أي حديث في صحيح البخاري أو مسلم يدل على ذلك. إلا حديثا في سنن الترمذي رغم عدم أخذ العلماء بما رواه الترمذي في أمور كثيرة أخرى، ولكن الحديث ذكر وجوب الخمار فقط. فلماذا يوجب العلماء ستر كامل الجسد؟ وحديثا آخر في موطأ مالك ضعفه أهل العلم. فلماذا يؤخذ به، ويترك غيره لنفس العلة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فأما وجوب ستر العورة في الصلاة فإن الإجماع منعقد عليه، ولا خلاف بين الفقهاء في ذلك، وإنما اختلفوا هل هو واجب فقط؟ أم أنه شرط لصحة الصلاة أيضا؟ قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن شرط صحة الصلاة ستر العورة عن العيون، وأنه واجب؛ إلا مالكا فقال: هذا واجب وليس هو بشرط في صحتها إلا أنه يتأكد بها، ومن أصحابه من قال: هو بشرط مع الذكر والقدرة. انتهى.
فلو فرضنا أنه لا توجد أدلة من الكتاب أو السنة تدل على وجوب سترها، فإن الإجماع في ذاته كاف لأنه دليل شرعي، فالإجماع دليل مقطوع به في دين الله عز وجل، وأصل عظيم من أصول الدين، ومصدر من مصادر الشريعة، مستمد من كتاب الله الكريم، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتال لهما في المنزلة.
قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ. اهـ
وقال عليش المالكي: ومعلوم أن الإجماع حجة لا بد له من مستند قد يعرف وقد لا يعرف . اهـ
ثم إن مما استدل به الفقهاء على وجوب ستر العورة في الصلاة قوله تعالى { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ... } سورة الأعراف: 31، قال صاحب أضواء البيان: ووجوب ستر العورة في الصلاة مجمع عليه بين المسلمين. وقد دلت عليه نصوص من الكتاب، والسنة، كقوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد... الآية [7 31] وكبعثه - صلى الله عليه وسلم - من ينادي عام حج أبي بكر بالناس عام تسع: ألا يحج بعد هذا العام مشرك، وألا يطوف بالبيت عريان . اهـ
بل قال بعضهم: إن هذه الآية تدل على أكثر من مجرد ستر العورة، قال ابن رجب الحنبلي: واستدل من قال: إن المأمور به من الزينة أكثر من ستر العورة التي يجب سترها عن الأبصار، بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء، وبأن من صلى عاريا خاليا لا تصح صلاته، وبأن المرأة الحرة لا تصح صلاتها بدون خمار، مع أنه يباح لها وضع خمارها عند محارمها، فدل على أن الواجب في الصلاة أمر زائد على ستر العورة التي يجب سترها عن النظر. اهـــ
وقول السائل " ولكن الحديث ذكر وجوب الخمار فقط فلماذا يوجب العلماء ستر كامل الجسد " هذا مما يتعجب منه والله، فهل تتصور أن الشرع حين أمرها بستر رأسها بالخمار لا يلزمها بستر باقي جسدها، ويبيح لها أن تصلي مختمرة في ذات الوقت كاشفة عن عورتها؟!!
والله تعالى أعلم.