الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنبي صلى الله عليه وسلم قد صلي عليه فى حجرته الشريفة, وليس في المسجد, فالأثر الذي ورد في الصلاة عليه في المسجد ضعيف، ولفظه: عن عمر -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع عند المنبر، فجعل الناس يصلون عليه أفواجا.
قال عنه البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: رواه إسحاق بسند ضعيف؛ لجهالة التابعي. اهـ.
أما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في حجرته, فقد دلت عليه بعض الآثار، منها:
1ـ ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، عن: سعيد بن المسيب: قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع على سريره, فكان الناس يدخلون زمرا زمرا، يصلون عليه ويخرجون، ولم يؤمهم أحد, وتوفي يوم الاثنين, ودفن يوم الثلاثاء. اهـ.
وهذا الأثر من مراسيل سعيد بن المسيب, وهي أصح المراسيل.
يقول المباركفوري في شرح مشكاة المصابيح: وقد تقدم أن مراسيل سعيد بن المسيب أصح المرسلات، على ما ذكره السيوطي عن الإمام أحمد. وقال الحاكم في علوم الحديث: أصح المراسيل -كما قال ابن معين-: مراسيل ابن المسيب؛ لأنه من أولاد الصحابة، وأدرك العشرة، وفقيه أهل الحجاز، وأول الفقهاء السبعة الذين يعتد مالك بإجماعهم كإجماع كافة الناس، وقد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله، فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره. اهـ.
2ـ الأثر الثانى الذي ذكرته أنت، ولفظه: فلما فرغوا من جهازه صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء، وضع على سريره في بيته، ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا يصلون عليه. انتهى.
وهذا الأثر ذكره ابن ماجه, وضعفه الشيخ الألباني, وغيره, لكن تشهد له بعض الطرق الأخرى.
يقول البوصيري في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه، معلقا عليه: هذا إسناد فيه الحسين بن عبد الله بن عبيد بن عباس الهاشمي، تركه الإمام أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، والنسائي. وقال البخاري يقال: إنه يتهم بالزندقة، وقواه ابن عدي. وباقي رجال الإسناد ثقات. ورواه ابن عدي في الكامل من طريق بكر بن سليمان، عن محمد بن إسحاق به. ورواه البيهقي من طريق ابن عدي. ورواه الحاكم من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق. ورواه البيهقي من طريق الحاكم. انتهى.
3ـ الأثر الرابع الذي ذكرته أنت, وهو المروي عن أبي عسيب, وجاء في مسند الإمام أحمد, وصحح إسناده الشيخ الأرناؤوط.
فتبين مما سبق، أن الصلاة على النبي صلى الله عليه, وسلم كانت في حجرته, وليست في المسجد.
والله أعلم.