السؤال
يقول ابن القيم -رحمه الله- في حادي الأرواح: إن الجنة مقببة، وأعلاها وأوسعها الفردوس.
السؤال: كيف تكون مقببة، لأن كونها مقببة، معناه أنه كلما علت المنزلة، ضاقت؛ لأن القبة نصف دائرة، على ما أفهمه كحال قبة المساجد، أوسعها أولها من أسفل، ثم تضيق كلما علت؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما ذكره ابن القيم في كتابه "حادي الأرواح" من أن الجنة مقببة، لا نعلم له مستندا شرعيا، صريحا صحيحا، والذي قيل إنه مقبب هو العرش.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد استدل من استدل على أن العرش مقبب، بالحديث الذي في سنن أبي داود وغيره، عن جبير بن مطعم، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي، فقال: يا رسول الله؛ جهدت الأنفس، وجاع العيال، وهلك المال، فادع الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك، فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، وقال: "ويحك! أتدري ما تقول؟ إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، إن الله على عرشه، وإن عرشه على سماواته وأرضه هكذا، وقال بأصابعه مثل القبة" وفي لفظ: "وإن عرشه فوق سماواته، وسماواته فوق أرضه هكذا، وقال بأصابعه مثل القبة" .. اهــ.
وهذا الحديث حكم أهل العلم بأنه ضعيف الإسناد، ولو صح الحديث لما كان فيه دلالة على أن الجنة مقببة؛ إذ لا يلزم من كون السقف مقببا، أن يكون ما تحته كذلك، كما هو معلوم، والذي جاءت به الأحاديث الصحيحة هو أن للعرش قوائم، ودل القرآن على أن له حملة يحملونه، ثم إن الكلام في مثل هذه الأمور الغيبية، والخوض فيها بدون حجة ظاهرة، مما ينبغي أن يحذره المسلم.
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي: السكوت عن الكلام في العرش، وأنه كالقبة، أو فلك مستدير محيط بالكائنات، خير من الخوض في ذلك ... فإن الخوض في ذلك والتعمق فيه، من شره الفكر، واستشراف العقل إلى إدراك أمر غيبي لا يعلم إلا بالتوقف، فينبغي الوقوف عند النقل. اهـ.
والله تعالى أعلم.