سر الاهتمام بدرء الفساد بين آيتي الدعاء بسورة الأعراف

0 185

السؤال

ما حكمة ذكر (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) آية 56 من سورة الأعراف بين دعائين: ادعوا ربكم تضرعا وخفية وبين: ادعوه خوفا وطمعا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد جاء النهي عن الفساد في قوله تعالى: ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها [الأعراف:56]، بين آيتين آمرتين بالدعاء لحكمة، هي الجمع بين الترغيب والترهيب، وتوضيح ذلك أن وجود آيتين تشتملان على أمرين بالدعاء فيه ترغيب يدعو النفس البشرية إلى الشعور بالرضا والاسترسال في شهواتها، فناسب أن يأتي ترهيب كبحا لجماح النفس عن المعاصي، ودرءا للمفسدة، وهذا الأسلوب يرد كثيرا في القرآن الكريم.

قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره المسمى "التحرير والتنوير": ‌عطف ‌النهي ‌عن ‌الفساد في الأرض على جملة إنه لا يحب المعتدين [الأعراف: 55] عطفا على طريقة الاعتراض، فإن الكلام لما أنبأ عن عناية الله بالمسلمين وتقريبه إياهم إذ أمرهم بأن يدعوه وشرفهم بذلك العنوان العظيم في قوله: ربكم [الأعراف: 55]، وعرض لهم بمحبته إياهم دون أعدائهم المعتدين، أعقبه بما يحول بينهم وبين الإدلال على الله بالاسترسال فيما تمليه عليهم شهواتهم من ثوران القوتين الشهوية والغضبية، فإنهما تجنيان فسادا في الغالب، فذكرهم بترك الإفساد ليكون صلاحهم منزها عن أن يخالطه فساد، فإنهم إن أفسدوا في الأرض أفسدوا مخلوقات كثيرة وأفسدوا أنفسهم في ضمن ذلك الإفساد، فأشبه موقع الاحتراس، وكذلك دأب القرآن أن يعقب الترغيب بالترهيب، وبالعكس، لئلا يقع الناس في اليأس أو الأمن.
والاهتمام بدرء الفساد كان مقاما هنا مقتضيا التعجيل بهذا النهي معترضا بين جملتي الأمر بالدعاء
. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات