السؤال
سؤالي عن الآية 27 من سورة البقرة، وإن كانت واضحة: (وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون)، الموتة الأولى ما قبل الولادة، ثم الحياة، والثانية في الدنيا، ثم البعث، ولكن (ثم إليه ترجعون)، هل هذا يعنى أننا سنعود لذاته سبحانه وتعالى، كما نفخ فينا من قبل؟ ما نهاية النفس البشرية بعد الجنة هل هي الخلود أم الموت؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد قال المفسرون في تفسير قوله تعالى: ثم إليه ترجعون {البقرة:28}، أي: ترجعون إلى الجزاء بعد البعث يوم القيامة، فالضمير في قوله: "إليه" عائد على الجزاء نفسه،والمعنى: يحييكم يوم القيامة، ثم إلى الجزاء على الأعمال ترجعون، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، قال أبو حيان: أي: إلى جزائه من ثواب أو عقاب. وقيل: عائدة على الموضع الذي يتولى الله الحكم بينكم فيه. وقيل: عائدة على الإحياء المدلول عليه بقوله: فأحياكم. وشرح هذا: أنكم ترجعون بعد الحياة الثانية إلى الحال التي كنتم عليها في ابتداء الحياة الأولى، من كونكم لا تملكون لأنفسكم شيئا. اهـــ.
وقيل في تفسير الإحياء الثاني أنه الإحياء في القبر للسؤال، ويكون قوله تعالى: ثم إليه ترجعون. المراد منه الإحياء يوم القيامة، قال الشوكاني في فتح القدير: وقيل: كنتم أمواتا، أي: نطفا في أصلاب الرجال، ثم يحييكم حياة الدنيا. ثم يميتكم بعد هذه الحياة، ثم يحييكم في القبور، ثم يميتكم في القبر، ثم يحييكم الحياة التي ليس بعدها موت ... اهــ.
وأما سؤالك: ما نهاية النفس البشرية بعد الجنة هل هي الخلود أم الموت؟ فقد دل القرآن والسنة على أن الخلود هو مآل من دخل الجنة، وأنه لا موت فيها، كذلك من دخل النار -نعوذ بالله منها-، قال الله تعالى عن أهل الجنة: لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى {الدخان:56}، والمعنى: لا يذوقون في الجنة الموت، لكن الموتة الأولى في الدنيا قد ذاقوها، قال ابن كثير: هذا استثناء يؤكد النفي، فإنه استثناء منقطع، ومعناه: أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت". اهـ.
والله تعالى أعلم.