السؤال
هل الأشياء التي حرمت هي حرام لأن الله حرمها، أم لأن هناك بيانا لعلة التحريم؟ على سبيل المثال: الخمر حرام، لأنها تذهب العقل، ولكن يمكن أن أجلس بخمارة، وهو حرام دون أن أشرب الخمر.
نرجو التوضيح بشكل عام لكافة قضايا التحريم إن أمكن.
هل الأشياء التي حرمت هي حرام لأن الله حرمها، أم لأن هناك بيانا لعلة التحريم؟ على سبيل المثال: الخمر حرام، لأنها تذهب العقل، ولكن يمكن أن أجلس بخمارة، وهو حرام دون أن أشرب الخمر.
نرجو التوضيح بشكل عام لكافة قضايا التحريم إن أمكن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتحليل والتحريم حق خالص لله تعالى لا يشركه فيه أحد، كما قال تعالى: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب {النحل:116}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه.
وما حرم رسول الله، فهو مثل ما حرم الله، كما صح بذلك الحديث، لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وعلى المؤمن أن يجتنب المحرم وينفر منه، سواء علم علة تحريمه أو لم يعلمها، مع الجزم بأن الشريعة لا تحرم إلا ما اشتمل على مفسدة محضة، أو راجحة كالخمر والميتة والقمار والميسر، وغير ذلك من المحرمات.
والوقوف على العلة يفيد المجتهد في إجراء القياس الشرعي، وهو: إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة، ومثال ذلك: إذا رأى المجتهد أن علة تحريم الخمر هي الإسكار، فإنه يحكم بحرمة كل ما أسكر من شراب أو طعام، وإن لم يكن خمرا.
وأما قولك: "يمكن أن أجلس بخمارة دون أن أشرب الخمر"، فهذا الجلوس محرم لأسباب أخرى منها مثلا: إقرار المنكر وعدم إنكاره، ومنها أن المرء إذا جلس في مكان فيه خمر تشرب ربما انكسر في نفسه الوازع الديني، وهان في عينه الذنب العظيم، وتكرر النظر إلى الشيء من أعظم أسباب انكسار الحاجز النفسي، يبين ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النعمان بن بشير المتفق عليه: كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه. وهكذا يحرم بيع الخمر وحملها مثلا، ولا يقال هنا: إنما حرم الفعل لعلة الإسكار.
وليعلم أن ما حرمه الشارع من شرب خمر، أو أكل ميتة، أو نحو ذلك، فإنه تحرم كل وسيلة تؤدي إلى ذلك، كما يحرم إقرار المنكر والسكوت عليه.
والله أعلم.