السؤال
أشكركم على جهدوكم المبذولة. قرأت في كتب تاريخية بطلان قصة سيدنا عمر وابن سيدنا عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- سندا ومتنا، وأن سندها منقطع بقول ابن عبد الحكم: حدثنا عن أبي عبدة. وبالعودة إلى موقعكم في الفتوى رقم: 36194 تم ذكر القصة في كتاب "الولاية على البلدان"، فأرجو منكم شرح ذلك لي، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالفتوى التي أشرت إليها ذكرنا فيها القصة ومصدرها، ولم نتطرق للحكم عن سندها، والقصة رواها ابن عبد الحكم أبو القاسم المصري (المتوفى: 257هـ) في كتابه فتوح مصر والمغرب فقال:
حدثنا عن أبي عبدة، عن ثابت البناني، وحميد، عن أنس، إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، عائذ بك من الظلم، قال: عذت معاذا، قال: سابقت ابن عمرو بن العاص، فسبقته، فجعل يضربني بالسوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه، ويقدم بابنه معه، فقدم، فقال عمر: أين المصري؟ خذ السوط، فاضرب، فجعل يضربه بالسوط، ويقول عمر: اضرب ابن الأكرمين، قال أنس: فضرب، فوالله، لقد ضربه ونحن نحب ضربه، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه، ثم قال عمر للمصري: ضع على ضلعة عمرو، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما ابنه الذي ضربني، وقد اشتفيت منه، فقال عمر لعمرو: مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ قال: يا أمير المؤمنين، لم أعلم، ولم يأتني. اهــ.
وفي إسناده سقط، كما يدل عليه قوله: "حدثنا"، ثم إن أبا عبدة -واسمه يوسف بن عبدة بن ثابت- وثقه بعضهم، وضعفه آخرون، قال الحافظ في تهذيب التهذيب: وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: يوسف بن عبدة أبو عبدة، كيف هو؟ قال: له أحاديث مناكير عن حميد، وثابت، وكأنه ضعفه، وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالقوي، ضعيف، وقال العقيلي: له مناكير .. اهــ. وهو يروي هذه القصة عن ثابت، وحميد.
والله تعالى أعلم.