السؤال
(شخص قال أذكارا ودعوات يرجى منها الخير كله، ثم حفظ مرض روحي به بصورة كبيرة)؟؟؟
هذا الشخص من العوام يريد أن ينصح كافرا محاربا للكف عن فساده، وليسلم. فكيف ينصحه؟ما هي أولويات النصح؟ هل يجب عليه دراسة علم شرعي ليكون داعيا ليفعل ذلك؟ هل يجوز نصحه بما يعلمه فقط، وهو من العوام؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، وخصوصا مقدمته، وعلى كل فقد تكملنا مرارا عن دعوة الكفار إلى الإسلام، وما يراعى فيها، بما يغني عن إعادة القول هاهنا، فانظر الفتاوى: 335245، 297802 ، 226885 ، 220543 ، 318352.
وأولى الأولويات في دعوة الكفار هي دعوتهم إلى الشهادتين والدخول في الإسلام، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن قال له: إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم. رواه البخاري ومسلم.
وأما سؤالك: (هل يجب عليه دراسة علم شرعي ليكون داعيا ليفعل ذلك؟ هل يجوز نصحه بما يعلمه فقط وهو من العوام ؟): فإن العلم شرط للدعوة إلى الله جل وعلا، فيدعو الإنسان بما يعلمه من دين الله -ولو كانا شيئا يسيرا- ولا يجوز له أن يتصدى للدعوة فيما لا علم له فيه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: يجب على المسلم أن يبلغ ما لديه من العلم، قل ذلك أو كثر، لمن لم يعلمه، من دون تحديد بوقت أو قدر من العلم سوى الحاجة إلى بيان ما عنده، وتبليغه، وقد يتعين عليه إذا لم يوجد من يقوم بالبلاغ والبيان غيره؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعملا بما رواه أحمد والبخاري والترمذي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: بلغوا عني ولو آية . . . الحديث، وما رواه أحمد والترمذي وابن حبان، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع ، وقد روي هذا من طرق أخرى، بألفاظ متعددة. وحذرا مما توعد الله به كاتم العلم بقوله سبحانه: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} ويحرم عليه أن يقول ما لا يعلم، أو يخوض فيما ليس له به علم؛ لقوله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} وقوله: {ولا تقف ما ليس لك به علم} .اهـ.
وقال ابن عثيمين: لا يمكن أن تتم الدعوة إلا بعلم الإنسان بما يدعو إليه؛ لأن الجاهل قد يدعو إلى شيء يظنه حقا وهو باطل، وقد ينهى عن شيء يظنه باطلا وهو حق، فلا بد من العلم أولا، فيتعلم الإنسان ما يدعو إليه. وسواء كان عالما متبحرا فاهما في جميع أبواب العلم، أو كان عالما في نفس المسألة التي يدعو إليها، فليس بشرط أن يكون الإنسان عالما متبحرا في كل شيء، بل لنفرض أنك تريد أن تدعو الناس إلى إقام الصلاة، فإذا فقهت أحكام الصلاة وعرفتها جيدا، فادع إليها، ولو كنت لا تعرف غيرها من أبواب العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) . ولكن لا يجوز أن تدعو بلا علم أبدا .اهـ. من شرح رياض الصالحين.
فتعريف المرء لغير المسلم بما يعلمه من دين الإسلام دون خوض في المجادلة فيما لا يعلمه ولا يحسنه لا يشترط فيه أن يكون للمرء كبير حظ في العلم الشرعي، فدعوة غير المسلم إلى الإسلام بالدلالة على موقع شبكي، أو إهداء كتاب مثلا، كل ذلك لا يشترط فيمن يفعله أن يكون ممن له باع في العلم الشرعي، بل أي مسلم مهما قل علمه ينبغي عليه القيام بذلك.
وأما من يتصدى لمناقشة شبهات الكفار ومجادلتهم، فلا بد أن يكون لديه من العلم الشرعي ما يقيم به الحجة، ويدفع به شبهاتهم، وإلا ضل وأضل. وراجع الفتوى: 261598، والفتوى: 134867.
والله أعلم.