فوائد حول قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ

0 146

السؤال

قال عز وجل: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) (النور:31) الجيوب: هي الصدور.
1- ما الإعجاز اللغوي لاستخدام (على) بدلا من (فوق)؟
2- ما الإعجاز اللغوي لاستخدام (جيوبهن) بدلا من (صدورهن)؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم نجد في كتب اللغة، ولا كتب التفسير وعلوم القرآن التي اطلعنا عليها، بيانا لوجه الإعجاز اللغوي في ذلك.

ومن باب الإفادة في السؤال الأول ننبه على أن الضرب قد عدي في القرآن بـ (فوق) في قوله تعالى: فاضربوا فوق الأعناق [الأنفال: 12] وهي بمعنى على، قال أبو عبيد في مجاز القرآن: {فاضربوا فوق الأعناق} مجازه: على الأعناق، يقال: ضربته فوق الرأس، وضربته على الرأس. اهـ.
وقال الشنقيطي في مجالس التفسير: قال بعض العلماء: (فوق) هنا بمعنى (على)، العرب تقول: ضربته على عنقه، وضربته فوق عنقه، وعلى هذا القول فمفعول الضرب محذوف، أي: فاضربوهم فوق الأعناق، أي: فاضربوهم على الرقاب، وهذا قول ليس ببعيد. وقال بعض العلماء: المراد بما فوق الأعناق: الرؤوس؛ لأن الرأس فوق العنق، قال: ومعناه فاضربوا رؤوسهم، والعرب معلوم أنها في الحرب تبادر لضرب الرؤوس، ويمدحون الرجال بضرب الرؤوس وفلق الهام. اهـ.
ومن هنا نقول: إن التعبير بـ (فوق) في نحو قوله تعالى: وليضربن بخمرهن على جيوبهن [النور: 31] سيجعلها محتملة لمعنى الأمر بتغطية ما فوق فتحة الصدر، كالعنق مثلا، وليس الصدر نفسه، بخلاف التعبير بـ (على) فيتناول تغطية فتحة الصدر قطعا.

وأمر آخر أشار إليه بعض المفسرين كالزمخشري في الكشاف، حيث قال: قولك: ضربت بخمارها على جيبها، كقولك: ضربت بيدي على الحائط، إذا وضعتها عليه. اهـ.
وقال أبو حيان في البحر المحيط: ضمن {وليضربن} معنى وليلقين وليضعن، فلذلك عداه بعلى، كما تقول: ضربت بيدي على الحائط، إذا وضعتها عليه. اهـ.
كما يمكن أن يقال: إن استعمال (على) في هذه الآية يتميز على استعمال (فوق) بدلالته على الإحاطة والشمول، قال الطيبي في حاشيته على الكشاف: دل على الشمول والإحاطة قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن}، لأنه كقوله تعالى: {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} [البقرة: 61]. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات