السؤال
في صغري كنت ملتزما بالصلاة في وقتها، وفي المسجد، حتى قالت إحدى الجارات لأمي إني ملتزم بها، على غرار أبنائها، لتمر علي فترة ليست بالقليلة أبدا بدون صلاة، سواء في المسجد أو في البيت. لكن أريد أن أتوب من تركي للصلاة.
فهل يمكن أن أصلي في البيت حتى لا يراني أحد، مع العلم أن الكثير من الجيران يجلسون في الطرقات كثيرا من الوقت؟
وكم شعرت بأن عيونهم تجرحني في كل حركة من حركاتي، كما أني أريد أن أختفي عن أنظارهم حتى لا يهتم بي أحد منهم؛ لأني من طلاب الثانوية، ولا أحد منهم أو من أبنائهم كان طالبا للعلم، حتى إني أسمعهم يقولون إنه يذاكر وغير ذلك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحب أن نبين لك ابتداء: أن الحسد حق بلا شك، ولكن لا يسوغ أن يكون الخوف من الحسد حائلا دون فعل ما شرعه الله تعالى. ثم إن طريق توقي الحسد سهل والحمد لله، وليس ذلك بالاختفاء عن أعين الناس، وإنما هو باستعمال الرقى والتعاويذ الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإدامة شكر الله على نعمه؛ فإن الشكر سبب المزيد، كما قال تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم {إبراهيم:7}.
فعش حياتك بصورة طبيعية، واخرج، وخالط الناس، ودع هذا الخوف المرضي من الحسد؛ فإنه لا مبرر له.
وأما تركك للصلاة وأنت بالغ، فإنه كبيرة من أكبر الكبائر -عياذا بالله- وانظر الفتوى رقم: 130853.
فحافظ على صلاتك، واعلم أن هذا من أعظم أسباب التوفيق في الدراسة وغيرها، ثم إن الجماعة واجبة على الرجال في أصح أقوال أهل العلم، فلو أديت الصلاة في بيتك جماعة برئت ذمتك، وانظر الفتوى رقم: 128394، لكن تفوتك فضيلة الصلاة في المسجد، والتي هي فضيلة عظيمة، وسبب من أسباب نيل معونة الله تعالى.
ومن ثم، فنحن نكرر نصحنا لك بأن تتجنب الخوف المرضي من الحسد، وتتقي شره بالرقى والتعاويذ، وإدامة الشكر، وتعيش حياتك بصورة عادية طبيعية، دون أن يحول هذا الخوف المذموم بينك وبين مصالح دنياك وآخرتك.
والله أعلم.