السؤال
سمع شخص أنه لا يقرأ في الركعة الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة، وصدق أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا، ولكنه ظل يقرأ زيادة على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة. وقيل له: لم وقد علمت فعل الرسول صلى الله عليه، وآله وسلم؟ قال: ذلك أفضل.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلماء مختلفون في حكم قراءة السورة في الثالثة والرابعة.
قال الشيرازي في المهذب: وإذا كانت الصلاة تزيد على ركعتين. فهل يقرأ السورة فيما زاد على الركعتين؟ فيه قولان. قال في القديم: لا يستحب؛ لما روى أبو قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة في كل ركعة، وكان يسمعنا الآية أحيانا، وكان يطيل في الأولى ما لا يطيل في الثانية. وكان يقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب.
وقال في الأم: يستحب؛ لما روينا من حديث أبي سعيد الخدري، ولأنها ركعة يشرع فيها الفاتحة، فيشرع فيها السورة كالأوليين. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فإن الذي نفتي به هو القول القديم للشافعي، وقول الجمهور وهو أن الثالثة والرابعة لا تشرع القراءة فيهما.
قال ابن قدامة رحمه الله: لا تسن زيادة القراءة على أم الكتاب في الركعتين غير الأوليين. قال ابن سيرين: لا أعلمهم يختلفون في أنه يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب. وروي ذلك عن ابن مسعود وأبي الدرداء، وجابر، وأبي هريرة، وعائشة رواه إسماعيل بن سعيد الشالنجي عنهم بإسناده، إلا حديث جابر فرواه أحمد، وهو قول مالك وأبي حنيفة، واختلف قول الشافعي فمرة قال كذلك، ومرة قال: يقرأ بسورة مع الفاتحة في كل ركعة، وروي ذلك عن ابن عمر. لما روى الصنابحي، قال: صليت خلف أبي بكر الصديق المغرب، فدنوت منه حتى إن ثيابي تكاد تمس ثيابه، فقرأ في الركعة الأخيرة بأم الكتاب، وهذه الآية: {ربنا لا تزغ قلوبنا} [آل عمران: 8].
ولنا: حديث أبي قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانا. وكتب عمر إلى شريح: أن اقرأ في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورة، وفي الأخريين بأم الكتاب. وما فعله الصديق- رحمه الله- إنما قصد به الدعاء، لا القراءة. ليكون موافقا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وبقية أصحابه. ولو قدر أنه قصد بذلك القراءة، فليس بموجب ترك حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، ثم قد ذكرنا مذهب عمر وغيره من الصحابة بخلاف هذا. انتهى.
وعليه؛ فما فعله هذا الشخص خلاف السنة، وزعمه أن هذا أفضل، خطأ منه -على ما نرجحه- وإن كان موافقا لأحد قولي الشافعي كما رأيت.
والله أعلم.