السؤال
مرت علي فترة كنت فيها مصابا باكتئاب شديد. وكنت أصاب يوميا بحالات الجاثوم، واستيقاظ من النوم وأنا أصرخ، حتى بات الأمر واضحا، وانتبه لي أفراد أسرتي، حيث إن صراخي يكون عاليا، وبالتالي يستيقظون عليه. أخبروني أن أقرأ القرآن قبل النوم. في تلك الفترة كنت مداوما على تلاوة القرآن الكريم، والاستماع له، وكنت قبل النوم أقرأ المعوذات، وآية الكرسي. وبما أن ما يحدث كان يحدث حتى وأنا أقرأ، فقد قلت لهم: لا فائدة في معالجة ما أنا فيه من خلال ذلك، وبالفعل لم يكن ذلك ليمنع ما أنا به. فهل ما تكلمت به كفر؟ طبعا لم تكن نيتي أن أقول لا أجر على القراءة، فالأجر فائدة تحصل بالقراءة، لكنني لم أنكرها في داخلي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من الكفر مجرد قولك: "لا فائدة في معالجة ما أنا فيه من خلال ذلك" تعني أنك لم تنتفع بهذه القراءة، ولم تؤثر فيك، ولا تعني نفي الشفاء فيها. ولا شك في أن القرآن، والأدعية النبوية والأذكار فيها شفاء، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 19900، والفتوى رقم: 34042.
والشافي هو الله عز وجل، فقد يؤخر الشفاء لحكمة يعلمها هو، ثم إنه قد يكون الخلل من جهة القارئ، كما قال ابن القيم في مدارج السالكين.
حيث قال: فهنا أمور ثلاثة: موافقة الدواء للداء، وبذل الطبيب له، وقبول طبيعة العليل، فمتى تخلف واحد منها لم يحصل الشفاء، وإذا اجتمعت حصل الشفاء ولا بد، بإذن الله سبحانه وتعالى.
ومن عرف هذا كما ينبغي، تبين له أسرار الرقى، وميز بين النافع منها وغيره، ورقى الداء بما يناسبه من الرقى، وتبين له أن الرقية براقيها وقبول المحل، كما أن السيف بضاربه مع قبول المحل للقطع، وهذه إشارة مطلعة على ما وراءها لمن دق نظره، وحسن تأمله. اهـ.
فنوصيك بالاستمرار في القراءة، وقراءة المسلم على نفسه أفضل، وإن احتاج لأن يرقيه آخر من أهل الاستقامة وسلامة المعتقد، فلا بأس بذلك.
وننبه إلى أن المسلم إذا ابتلي، فعليه أن يصبر على هذا البلاء، مع بذل أسباب الشفاء حتى ييسره الله تبارك وتعالى له، ففي الصبر كثير من الخير، ومن ذلك تكفير السيئات ورفعة الدرجات، وللمزيد حول فضائل الصبر، انظر الفتوى رقم: 18103.
والله أعلم.