الحكمة من رغبته عليه الصلاة والسلام في آخر حياته في صيام يوم التاسع

0 74

السؤال

كيف كان يصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء منذ أن قدم إلى المدينة المنورة؟ ولماذا لم يتحدث عن صيام اليوم التاسع، إلا في عامه الأخير؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلم يتبين لنا ما تعنيه بقولك: "كيف كان يصوم..؟" ومن المعلوم أن الصيام هو إمساك عن المفطرات من طلوع الشمس إلى الغروب بنية، وهكذا كان يصوم صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر محرم، فالصيام كيفيته معلومة.

وإن كنت تعني: لم كان يصومه؟

فالجواب: أنه صامه شكرا لله تعالى، كما صامه موسى لما نجاه الله تعالى وقومه من فرعون، ففي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما قدم المدينة، وجدهم يصومون يوما، يعني عاشوراء، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال أنا أولى بموسى منهم، فصامه، وأمر بصيامه. اهـ.

وأما الحكمة من رغبته عليه الصلاة والسلام في آخر حياته في صيام يوم التاسع، فقد أراد عليه الصلاة والسلام مخالفة أهل الكتاب، وكان قبل ذلك يحرص على مخالفة المشركين عبدة الأوثان، ولكن بعد فتح مكة وانتشار الإسلام، حرص أيضا على مخالفة أهل الكتاب، حرصا منه على تمييز المسلمين عن سائر الأمم بوصفهم أمة مسلمة، قال الحافظ -رحمه الله- في الفتح مبينا الحكمة من همه عليه الصلاة والسلام بصيام اليوم التاسع: ثم ما هم به من صوم التاسع، يحتمل معناه أنه لا يقتصر عليه, بل يضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطا له, وإما مخالفة لليهود والنصارى, وهو الأرجح, وبه يشعر بعض روايات مسلم, ولأحمد من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعا: صوموا يوم عاشوراء, وخالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده. وهذا كان في آخر الأمر, وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء, ولا سيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان, فلما فتحت مكة واشتهر أمر الإسلام، أحب مخالفة أهل الكتاب أيضا, كما ثبت في الصحيح, فهذا من ذلك, فوافقهم أولا, وقال: نحن أحق بموسى منكم. ثم أحب مخالفتهم، فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله، ويوم بعده، خلافا لهم. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة