الكفر الأكبر والأصغر

0 514

السؤال

هل الكفر واحد أم إن هناك أنواعا للكفر، كتارك الصلاة؟ وهل هو كفر مطلق أم كفر دون كفر؟ وهل الرواية المنقولة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- المنقولة عن هشيم: كفر دون كفر، وفسق دون فسق... هل هي رواية صحيحة أم هي رواية مطعون فيها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنه ما من شك في أن الكفر أنواع، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم، وبينوها، فمنها ما هو كفر أكبر، مخرج من الملة، وهذا النوع عده ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه: "مدارج السالكين" خمسة أقسام.

الأول: كفر التكذيب، ودليله قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين [الزمر:32].

ومنها: كفر الاستكبار، والإدبار مع التصديق، ودليله قوله تعالى: إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين [البقرة:34].

ومنها: كفر الإعراض، ودليله قوله تعالى: والذين كفروا عما أنذروا معرضون [الاحقاف:3].

ومنها: كفر الشك، ودليله قوله تعالى: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا* قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا [الكهف:35- 37].

ومنها: كفر النفاق، ودليله قوله تعالى: ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون [المنافقون:3].

وأما الكفر الأصغر، فهو ما أطلق عليه الشرع لفظ الكفر، مع ثبوت الإسلام لصاحبه بأدلة أخرى، كقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله، فقد كفر. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.

وأما ترك الصلاة هل هو كفر أكبر أم كفر أصغر؟

فقد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من قال: إنه كفر أصغر، ومنهم من قال: إنه كفر أكبر، وقد سبق لنا فتوى في ذلك، فانظر الفتوى: 1145.

أما أثر ابن عباس الذي رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن من طريق هشام بن حجير، عن طاوس، عنه في تفسير قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [المائدة:44]، قال: كفر دون كفر. فلا يصح سنده؛ إذ فيه هشام بن حجير: ضعفه يحيى القطان، وابن معين، وقال أحمد بن حنبل: ليس بذاك، وإنما أخرج له البخاري، ومسلم كلاهما في موضع واحد متابعة.

ومع ضعفه، خالفه عبد الله بن طاوس، وهو ثقة، فرواه عن أبيه طاوس، قال: سئل ابن عباس عن قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [المائدة:44]، قال: هي به كفر. أخرجه الطبري في تفسيره، وهذا اللفظ يحتمل الكفر الأكبر، والأصغر، بخلاف رواية هشام، فإنها نص في الكفر الأصغر.

على أننا نقول: إن من صور الحكم بغير ما أنزل الله ما هو كفر أصغر اتفاقا، ومنها ما هو كفر أكبر، حسب حال الحاكم، ونوع حكمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة