السؤال
هل الكفر واحد أم إن هناك أنواعا للكفر، كتارك الصلاة؟ وهل هو كفر مطلق أم كفر دون كفر؟ وهل الرواية المنقولة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- المنقولة عن هشيم: كفر دون كفر، وفسق دون فسق... هل هي رواية صحيحة أم هي رواية مطعون فيها؟
هل الكفر واحد أم إن هناك أنواعا للكفر، كتارك الصلاة؟ وهل هو كفر مطلق أم كفر دون كفر؟ وهل الرواية المنقولة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- المنقولة عن هشيم: كفر دون كفر، وفسق دون فسق... هل هي رواية صحيحة أم هي رواية مطعون فيها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه ما من شك في أن الكفر أنواع، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم، وبينوها، فمنها ما هو كفر أكبر، مخرج من الملة، وهذا النوع عده ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه: "مدارج السالكين" خمسة أقسام.
الأول: كفر التكذيب، ودليله قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين [الزمر:32].
ومنها: كفر الاستكبار، والإدبار مع التصديق، ودليله قوله تعالى: إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين [البقرة:34].
ومنها: كفر الإعراض، ودليله قوله تعالى: والذين كفروا عما أنذروا معرضون [الاحقاف:3].
ومنها: كفر الشك، ودليله قوله تعالى: ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا* قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا [الكهف:35- 37].
ومنها: كفر النفاق، ودليله قوله تعالى: ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون [المنافقون:3].
وأما الكفر الأصغر، فهو ما أطلق عليه الشرع لفظ الكفر، مع ثبوت الإسلام لصاحبه بأدلة أخرى، كقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله، فقد كفر. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.
وأما ترك الصلاة هل هو كفر أكبر أم كفر أصغر؟
فقد اختلف أهل العلم في ذلك، فمنهم من قال: إنه كفر أصغر، ومنهم من قال: إنه كفر أكبر، وقد سبق لنا فتوى في ذلك، فانظر الفتوى: 1145.
أما أثر ابن عباس الذي رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن من طريق هشام بن حجير، عن طاوس، عنه في تفسير قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [المائدة:44]، قال: كفر دون كفر. فلا يصح سنده؛ إذ فيه هشام بن حجير: ضعفه يحيى القطان، وابن معين، وقال أحمد بن حنبل: ليس بذاك، وإنما أخرج له البخاري، ومسلم كلاهما في موضع واحد متابعة.
ومع ضعفه، خالفه عبد الله بن طاوس، وهو ثقة، فرواه عن أبيه طاوس، قال: سئل ابن عباس عن قوله: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [المائدة:44]، قال: هي به كفر. أخرجه الطبري في تفسيره، وهذا اللفظ يحتمل الكفر الأكبر، والأصغر، بخلاف رواية هشام، فإنها نص في الكفر الأصغر.
على أننا نقول: إن من صور الحكم بغير ما أنزل الله ما هو كفر أصغر اتفاقا، ومنها ما هو كفر أكبر، حسب حال الحاكم، ونوع حكمه.
والله أعلم.