السؤال
دائما ما أقارن نفسي بالرسل والأنبياء والصحابة، لماذا لم يخلقني الله مثلهم؟ ولماذا لم يخلقني ذكرا؛ لكي أتمتع بنفس درجة ذكاء الذكور، و... ولماذا لم يخلقني نبيا أو رسولا، وكنت أقول إن الله ليس عادلا، ولماذا لم يخلقني في عهد آخر المرسلين لأكون من الصحابة، وفي درجاتهم، ولكني أستطرد هذه الأفكار بقول: لو أنني كنت في زمانهم ربما لكنت كافرة ولست مؤمنة، وهاجمتهم جميعا، وكوني أنثى أفضل من كوني ذكرا، ولكن الأفكار ما زالت تطاردني، ولا ترحل، وأيضا أتتني أفكار عما قريب، وأنني أفكر في الإلحاد؛ لأن الله لم يعدل، وهو العادل، ولكن لم أقل لأحد عما يدور في داخلي، والغيرة من الصحابة والأنبياء أن الله خلقهم هكذا، ولم يخلقني مثلهم، وأنه لا يحبني بنفس درجتهم، ولست حتى بدرجة المهدي المنتظر، تقتلني هذه الأفكار. من فضلكم ساعدوني كيفية إبعاد هذه المساوئ عني، فهي لا تبتعد وتزداد مع تقدم الوقت. كرهت نفسي، وقديما كنت أفكر في الانتحار؛ لأنني لن أصل للدرجة العالية في الجنة التي أريدها أو أتمناها. فماذا أؤمن من البداية؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تجاهدي نفسك، وتسعي في التخلص من هذه الوساوس المرذولة، واحذري كل الحذر من مجاراتها والاسترسال فيها، حتى لا تترسخ عندك، ويحولها الشيطان بوسوسته إلى ما يخيل إليك أنه حقيقة، فهنا تكون الخطورة العظيمة، وأنت مأجورة -إن شاء الله- على مجاهدتها ومحاولة التخلص منها، وانظري الفتوى رقم: 147101.
ومما يعينك على طرد هذه الوساوس أن تتفكري في حكمة الله تعالى، وأنه تعالى قد بهرت حكمته العقول، وأن عقولنا قاصرة عن إدراك سر أفعاله سبحانه، وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته وعدله.
ثم انظري إلى فضل الله عليك، وما حباك به من الخير، فقد هداك للإسلام، ولولا منته عليك لكنت من الهالكين، واعلمي أنه سبحانه يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، ويعطي كل أحد ما هو أهل له.
ثم إن كون جنس الرجال أفضل من جنس النساء لا يستلزم أن يكون كل رجل خيرا من كل امرأة، بل قد تسبق كثير من النساء كثيرا من الرجال بالإيمان والعمل الصالح، وباب التقرب إلى الله تعالى والمنافسة في مرضاته مفتوح، فاسعي إلى الخير جهدك، ونافسي في طاعة الله سبحانه فذلك هو السبيل لنيل الدرجات العلا، لا التفكير فيما لم يكن، والاسترسال مع الوساوس المذمومة.
واشغلي نفسك بما ينفعك من العلم والعمل، وصحبة أهل الخير والاجتهاد في الدعاء، وابذلي وسعك في التقرب إلى الله سبحانه، وأنت على خير ما دمت كارهة لهذه الوساوس نافرة منها؛ فإنها لا تضرك، ولا تؤثر في إيمانك، بل كراهتك لها دليل على صدق إيمانك، والحمد لله.
والله أعلم.