السؤال
صديقي سبق أن طلق زوجته، ثم راجعها، واستمرت الحياة بشكل طبيعي أكثر من 4 سنوات، ثم حدثت بينهما مشاكل منذ ثلاثة أيام، وفي ساعة غضب استفزته زوجته، وقالت له: طلقني؛ فقال لها نصا: "أنت طالق طالق طالق"، ثم خرج من الغرفة إلى الصالة، وأمام حماته، قال لها مرة أخرى: "أنت طالق طالق طالق"، فما الحكم؟ علما أن لهما من الأولاد ثلاثة: أحدهم رضيع، وسيؤدي وقوع الطلاق إلى خراب البيت كليا. وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقول هذا الرجل لزوجته: "أنت طالق طالق طالق"، ثم إعادته العبارة نفسها مرة أخرى بعد خروجه من الغرفة، يختلف الحكم فيما يترتب عليه باختلاف نية الرجل، وقصده بما تلفظ به، حسب الاحتمالات التالية:
الاحتمال الأول: أنه قصد بهذه العبارة إيقاع أكثر من طلقة على زوجته، ففي هذه الحال تكون زوجته قد بانت منه بينونة كبرى، ولا تحل له إلا إذا تزوجت زوجا غيره بعد انقضاء عدتها منه -زواج رغبة، لا زواج تحليل-، ثم يطلقها الزوج الجديد بعد الدخول، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها من الزوج الآخر، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن الطلاق المتتابع دون عقد، أو رجعة، يقع واحدة، وراجع الفتوى رقم: 192961.
الاحتمال الثاني: أنه لم يقصد بهذه العبارة إيقاع أكثر من طلقة، وإنما كرر لفظ الطلاق للتأكيد، ثم أعاد العبارة بعد خروجه من الغرفة بغرض إيقاع طلقة أخرى، ففي هذه الحال يكون قد أوقع طلقتين، وقد ذكرت أنه طلقها قبل ذلك طلقة، ثم راجعها، فيكون مجموع الطلاق ثلاثا، فتبين منه بينونة كبرى أيضا.
الاحتمال الثالث: أنه لم يقصد بهذه العبارة إيقاع أكثر من طلقة، ولم يقصد بإعادتها بعد خروجه من الغرفة إيقاع طلقة أخرى، ولكن قصد التأكيد، والإخبار بوقوع الطلاق السابق؛ ففي هذه الحال، لم تقع على زوجته إلا طلقة واحدة، فيما بينه وبين الله، قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال: أردت التوكيد، قبل منه ... وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات؛ طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا، لم يقع إلا واحدة؛ لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات. اهـ.
وقال الشربيني الشافعي -رحمه الله-: ... كأن قال لمدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وتخلل فصل، فثلاث، سواء أقصد التأكيد أم لا؛ لأنه خلاف الظاهر، لكن إذا قال: قصدت التأكيد؛ فإنه يدين.
وفي هذه الحال؛ يجوز له مراجعة زوجته في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى رقم: 54195.
وما دامت المسألة فيها هذه الاحتمالات كلها، فننصح الأخ بمشافهة أهل العلم بسؤاله هذا، أو الرجوع إلى المحاكم الشرعية؛ حتى يعلم حكم ما سأل عنه بدقة.
والله أعلم.