السؤال
تزوجت من شخص لمدة قصيرة، ولم نتفاهم، وطلبت الطلاق، فقال لي: إننا سنقوم بخلع؛ لكي يخفف علي، لكيلا أجلس في العدة ثلاثة أشهر، وطلبي مني أن أقول الصيغة التالية: (خالعتك، على أن أتنازل عن كافة حقوقي)، ورد قائلا (قبلت)، وقبل انقضاء الشهر اتصل بي، وقال: إن هذا الخلع باطل، وإن الألفاظ ناقصة، وإنه كان يكذب علي فقط لأهدأ، وإنه يجوز الكذب على المرأة لإرضائها، وبعد قليل بعث لي رسالة يقول فيها: إن الخلع نافذ، إنه يتلاعب بي، فهل الخلع صحيح أم باطل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر لنا -والله أعلم- أن الصيغة المذكورة في السؤال، لا يصح بها الخلع، فالإيجاب يكون من الزوج، والقبول من الزوجة، قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: وتعتبر الصيغة منهما، أي: المتخالعين في ذلك كله، أي: جميع ما تقدم من صور الخلع، فيقول: خلعتك، أو فسخت نكاحك على كذا، أو فاديتك على كذا، فتقول هي: قبلت، أو رضيت، ونحوه. اهـ.
فإذا صدر الإيجاب من الزوجة، والقبول من الزوج، لم يصح الخلع، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (في الكلام على أركان الخلع): اتفق الفقهاء على أنه يشترط في الموجب، أن يكون ممن يملك التطليق. اهـ.
وجاء في البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني: فإن قالت الزوجة: خالعتك بألف، فقال الزوج: قبلت.. لم يصح، ولم يقع بذلك فرقة؛ لأن الإيقاع إليه دونها، وقوله: قبلت ليس بإيقاع. اهـ.
لكن ننبه إلى أن مثل هذه العبارات ليست مجالا للعبث، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ...وذلك أن الشارع منع أن تتخذ آيات الله هزوا، وأن يتكلم الرجل بآيات الله التي هي العقود إلا على وجه الجد الذي يقصد به موجباتها الشرعية. ولهذا ينهى عن الهزل بها، وعن التلجئة، كما ينهى عن التحليل، وقد دل على ذلك قوله سبحانه: {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} [البقرة:231]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يلعبون بحدود الله، ويستهزئون بآياته، طلقتك راجعتك، طلقتك راجعتك، فعلم أن اللعب بها حرام. اهـ.
وإذا حصل نزاع أو مناكرة فيما يتعلق بالخلع، فالذي يفصل فيه هو القاضي الشرعي.
والله أعلم.