السؤال
قلتم إن الله لا يجب عليه إلا ما أوجبه الله على نفسه، فسألت في هذا الكلام أحد الأشخاص، فقال لي: إذا أوجب الله على نفسه شيئا، وجازى بذلك عبده، فإن هذا لا يزال من رحمة الله؛ لأن الله هو الذي أوجبه على نفسه. فما رأيكم في هذا؟
قلتم إن الله لا يجب عليه إلا ما أوجبه الله على نفسه، فسألت في هذا الكلام أحد الأشخاص، فقال لي: إذا أوجب الله على نفسه شيئا، وجازى بذلك عبده، فإن هذا لا يزال من رحمة الله؛ لأن الله هو الذي أوجبه على نفسه. فما رأيكم في هذا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري على وجه القطع ما هو الفرق بين القولين في ذهن السائل! فإنه رجع فقال: (لأن الله هو الذي أوجبه على نفسه)! فآل الأمر في النهاية إلى القول بوجود هذا الواجب، ولكنه بإيجاب الله تعالى على نفسه؛ فضلا ورحمة منه سبحانه. وهذا لا يتعارض مع القول الأول؛ لأن من يقول: لا يجب على الله إلا ما أوجبه على نفسه. لا يعني إيجاب الإلزام، وإنما يعني الالتزام، فالله تعالى هو من حكم بذلك وقضاه، لا أن أحدا يستوجب حقا على الله بنفسه، وإنما هو وعد الله الذي لا يخلف الميعاد، فهو منجزه لا محالة، ولا يعني الإيجاب إلا هذا. وإلا فقد قال تعالى: كتب ربكم على نفسه الرحمة [الأنعام: 54] وقال سبحانه: قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة [الأنعام: 12]
قال ابن كثير: أي أوجبها على نفسه الكريمة، تفضلا منه وإحسانا وامتنانا. اهـ.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير: قال الزجاج: معنى كتب: أوجب ذلك إيجابا مؤكدا. اهـ.
وقال الخازن في لباب التأويل: يعني أنه تعالى أوجب وقضى على نفسه الرحمة، وهذا استعطاف منه للمتولين عنه الإقبال عليه، وإخبار بأنه رحيم بعباده، وأنه لا يعجل بالعقوبة، بل يقبل التوبة والإنابة ممن تاب وأناب. اهـ.
وقال النيسابوري في تفسيره: معنى {كتب على نفسه} أوجب على ذاته إيجاب الكرم لا إيجابا يستحق بتركه الذم. اهـ. وجاء في البحر المحيط لأبي حيان: أوجب إيجاب فضل وكرم لا إيجاب لزوم. اهـ.
ومما جاء في تفسير هذه الآيات قول النبي صلى الله عليه وسلم: لما قضى الله الخلق، كتب في كتابه على نفسه، فهو موضوع عنده: إن رحمتي تغلب غضبي. متفق عليه.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 151779.
والله أعلم.