السؤال
إنا إنسان أبلغ من العمر 30 سنة، متزوج، ومتدين، ولا أقرب المحرمات، وأخشى الله ما استطعت.
مشكلتي بدأت عندما كنت ذات يوم أتصفح صفحات الإنترنت، فوجدت فجأة موقعا للملحدين، لأناس يسمون أنفسهم: "المسلمين السابقين"، يتحدثون عن تجربتهم كيف تركوا الإسلام، وألحدوا، وكيف أنهم استمتعوا وسعدوا بحياتهم جراء هذا القرار.
اطلعت على الموقع من باب الفضول، إلا أنه بعد ذلك وجدت نفسي أطالع في هذا الموقع باستمرار، ظانا أن إيماني قوي، وأنه لن يصيبني أي شك، إلا أنه مع الوقت بدأت أعاني من وساوس قوية في ديني، وكأن شيئا من محتوى الموقع وقع في قلبي، وحاولت دفع تلك الوساوس مرارا وتكرارا، ووصلت إلى درجة أن نومي ليلا اضطرب من قوة تلك الوساوس، والشبهات التي أصابتني في ديني، وكان عقلي يقول لي: الملحدون يعيشون حياة سعيدة، لماذا لا تصبح مثلهم!؟ فماذا أفعل؟ علما أنني حاولت الابتعاد عن تلك المواقع، وكيف أدفع هذه الشبهات القوية التي تراودني؟ وكيف أضمن مغفرة الله عز وجل لي لما وقع في قلبي من جراء النظر في تلك المواقع؟ ساعدوني -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد أخطأت ابتداء في دخولك على ذلك الموقع مع ضحالة ما عندك من العلم، وقد نهى الشرع عن الاقتراب من مواطن الشبه والإلحاد؛ حتى لا يتأثر بها المسلم، ففي الحديث الذي رواه أحمد، وأبو داود، وغيرهما من حديث عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع بالدجال، فلينأ منه؛ من سمع بالدجال، فلينأ منه، من سمع بالدجال، فلينأ منه، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فلا يزال به لما معه من الشبه حتى يتبعه.
وأنت تأثرت بقربك من أولئك الدجاجلة، والاطلاع على شبهاتهم، ولا منقذ لك إلا الله تعالى.
والذي نوصيك به الآن خمس خطوات:
أولها: تجنب الدخول إلى تلك المواقع مطلقا.
ثانيها: عرض ما علق بقلبك من شبههم على أهل العلم؛ حتى يجلوها لك، فإنها محض سراب، وذر رماد، لا يلبث أن يتلاشى تحت مطارق العلم.
ثالثها: الاجتهاد، والإلحاح في دعاء الله تعالى أن يحفظ عليك إيمانك، وفي سنن الترمذي من حديث أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك، فقلت: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله، يقلبها كيف يشاء. اهــ.
رابعها: الإكثار من قراءة القرآن، والاطلاع على تفسيره، فإنه أعظم مثبت للقلوب.
خامسها: ننصحك بقراءة كتب أهل العلم مما يزيدك ثقة ويقينا بوحدانية الله تعالى، وأحقية هذا الدين الحنيف، فاقرأ مثلا كتاب: "العقيدة في الله" للدكتور عمر الأشقر -رحمه الله-، واقرأ عن محاسن الإسلام ودلائل أحقيته، وأنه دين الله الذي ارتضاه لخلقه، وانظر للفائدة الفتوى: 290959، وأيضا الفتوى: 332308. وهذه في بيان شيء من أسباب الثبات أمام الفتن.
والله تعالى أعلم.