الخوف من الكفر والنفاق بين الوجوب والذم

0 66

السؤال

أنا خائف من الكفر، ولا أستطيع أن أكمل دراستي. فبم تنصحونني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فكل مسلم يجب عليه أن يخاف الكفر ويحذره، ويبتعد عن أسبابه وموجباته ما أمكنه، وهذا الخوف لا بد أن يكون خوفا صحيا يجعله أكثر تحرزا وتيقظا من الكفر وشعبه، وأكثر اجتهادا في الحرص على نقيضه وهو الإيمان وشعبه.

فيجتهد في طاعة الله تعالى، متوكلا عليه، سائلا إياه أن يجنبه الفتن، ويعصمه من سوء الخاتمة، غير أن هذا الخوف لا ينبغي أن يصل إلى حد الخوف المرضي المقعد عن العبادة، والسعي في مصالح الدنيا؛ فإن الله لا يرضى هذا ولا يحبه.

وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- أخوف الناس من الله تعالى، وأشدهم حذرا من شعب الكفر والنفاق، وخوفا من أن يتلبسوا بشيء من ذلك، وكانوا مع هذا أكمل الناس سعيا في طلب الآخرة، وحرصا على التقدم في أعمال البر، وجمعا بين السعي في مصالح الدين والدنيا. والائتساء بهم هو الذي يليق بالمسلم الحريص على ما ينفعه، متبعا قول النبي صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.

ومن ثم، فنحن ننصحك بالتيقظ والخوف من الكفر وشعبه، لكن لا يصل بك هذا الخوف إلى الخوف المرضي المقعد المثبط؛ فإن هذا من الشيطان، بل وازن بين الخوف والرجاء، وأحسن ظنك بالله وعلق قلبك به، وابذل وسعك في طاعته، واهتم بدراستك وسائر مصالح دنياك، وسر إلى الله تعالى بين جناحي الخوف والرجاء، فترجو رحمته سبحانه، وتخاف عذابه جل وعلا، ولا يستبدن بك اليأس والقنوط، فإنه داء عضال، كما قال تعالى: ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون {الحجر:56}، وقال:  إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف:87}.

فأحسن ظنك بربك، وتوكل عليه في هدايتك، وخذ بأسباب الاستقامة، وحث السير إليه سبحانه ما وسعك.

واعلم أنه تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها، فهو يحب منك الجد والتفوق في دراستك وسائر شؤونك.

ومن اجتهادك في مراضيه أن تفعل ما يحبه، وتترك ما يسخطه سبحانه، فاهتم بمصالح دنياك وآخرتك، واجعل خوفك من الكفر وشعبه، معينا لك على السير إلى الله تعالى، لا مقعدا مثبطا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة