السؤال
أنا تلميذة في الثانوي، وكعادة المدرسة كل سنة تترأس حفلا تربويا يشارك فيه تلاميذ المؤسسة، وبحكم أنني أحب الأنشطة كثيرا ما أكون المشرفة، وأول ما أنصح به هو افتتاح الحفل بالقرآن الكريم؛ إلا أنني وبالرغم من أنني أجيد التجويد أكلف غيري من الذكور بهذه المهمة؛ لأنني سمعت أن صوت المرأة عورة. فتدخل أحد الأقارب، ونصحني بالمواظبة على التجويد أمام الناس بدعوى أنني سأكون قدوة للآخرين، وأكسب الأجر.
فهل ما أقوم به صحيح أم لا بأس إن قرأت أمام غير المحارم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد أحسنت صنعا بالامتناع من تجويد القرآن بحضرة الأجانب، وذلك أن قراءة القرآن بالتجويد لا تخلو من التغني والتمطيط، فإذا انضم ذلك إلى رقة صوت المرأة ولينه كان ذلك أدعى لأن يجتنب بحضرة الأجانب، ولذا نص الفقهاء على منع رفع صوتها بالقرآن في الصلاة بحضرة أجنبي، مع أن الجهر بالقراءة في الصلاة مشروع في الأصل، فأحرى في غير الصلاة.
جاء في حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج من كتب الشافعية: يكره جهرها في الصلاة، أي بأن كانت بحضرة أجانب، فإن كانت بحضرة محرم أو خالية فلا كراهة ...اهــ.
وفي كشاف القناع من كتب الحنابلة: (ولا بأس بجهر امرأة في الجهرية إذا لم يسمعها أجنبي) منها ... إذا سمعها أجنبي أنها تسر، قال في شرح المنتهى: وجوبا قال الإمام أحمد: ولا ترفع صوتها ...اهـــ
وفي الفواكه الدواني من كتب المالكية: فلا تسمع من يليها فيكفيها حركة لسانها، فالجهر في حقها كالسر فلا يسن في حقها الجهر؛ بل تنهى عنه .. اهــ.
وفي حاشية ابن عابدين الحنفي: لو قيل إذا جهرت بالقراءة في الصلاة فسدت كان متجها، ولهذا منعها - عليه الصلاة والسلام - من التسبيح بالصوت لإعلام الإمام بسهوه إلى التصفيق ... اهــ .
وقال أيضا في حاشيته على البحر الرائق: ولما كانت القراءة مظنة حصول النغمة معها منعت من تعلمها من الرجل .. اهــ
فإذا كان هذا في الصلاة التي يسن فيها الجهر بالقراءة في الأصل، فأحرى بالمرأة أن تمتنع من الجهر بقراءتها بحضرة الأجانب في غير الصلاة، والمرأة مأمورة شرعا بعدم الخضوع بالقول، كما في قوله تعالى: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض {الأحزاب:32}. قال ابن العربي في قوله تعالى: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض {الأحزاب:32} أمرهن الله تعالى أن يكون قولهن جزلا، وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يحدث في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين. اهـــ
والله تعالى أعلم.