السؤال
مخطوبة لشاب ذي خلق، وملتزم بالصلاة، وعنده مشروعه الخاص، واشتغل في الآثار فترة ما، وتركها بسبب المخاطرة الأمنية، وقرأت فتوى تفيد أن تجارة الآثار ليست حراما، فأخبرته بذلك، ومنذ فترة قصيرة قرأت أنه لو كان فيها تماثيل، فمالها حرام، ومن وقتها تعبت نفسيا، فهل المال كله حرام؛ حتى لو تاجر بغير معرفته بحديث تحريم بيع الصنم؟ على أنها ركاز، ومالها حلال، وهل علي أنا أيضا ذنب؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما كان من الآثار على هيئة تماثيل، وأصنام، فلا يجوز اقتناؤه، ولا بيعه، إلا لمن يكسره، ويستخدمه حليا، ونحوه؛ لما روى البخاري، ومسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، يقول: إن الله ورسوله، حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام.
وكذا ما كان منها على هيئة صليب، فلا يباع حتى يكسر؛ لما روى البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب، إلا نقضه.
وأما ما كان منها قطعا ذهبية، أو فضية، ونحو ذلك، أو ما كان تمثالا وكسر، فلا حرج في بيعه، مع تجنب ما تمنع الدولة بيعه من ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيقه. رواه الترمذي، وغيره، وصححه الألباني.
وأما ما اكتسب من ذلك الفعل مع الجهل بحرمته، فلا حرج على مكتسبه في الانتفاع به، أو بما استهلكه فيه، على الراجح؛ لقوله تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله {البقرة:275}، وانظري الفتوى رقم: 137729.
وعليه الكف عن بيع ما لا يجوز بيعه، وسبل الكسب الحلال كثيرة لمن ابتغاها.
وأما إعلامك له بالفتوى المبيحة لذلك العمل -كما ذكرت-، فلا إثم عليك فيه -إن شاء الله-، كما لا يلحقه هو إثم بعمله بذلك، ما دام لا يعلم خطأ الفتوى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم، كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه الألباني.
والله أعلم.