السؤال
هل صحيح أن جريمة الاغتصاب في الإسلام بحاجة إلى أربعة شهود، مثل الزنا، حتى تتم معاقبة الجاني، أم يجوز إثباته بالوسائل الحديثة، كتحليل dna، وعلامات المقاومة على جسد المغتصب، أو قرائن قوية أخرى؟ حيث إن من المستحيل الحصول على أربعة شهود على جريمة الاغتصاب، ورأينا الفاعلين ينجون بفعلتهم في بعض البلاد الإسلامية، التي تشترط الشهود لتطبيق العقوبة؛ مما اضطر بعضها لتعديل هذا القانون المعيب.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحقيقة الاغتصاب أنه زنى، إلا أنه مقترن بالإكراه، وقد اتفق أهل العلم على أن الزنى، لا يثبت بأقل من أربعة من الشهود، بخلاف سائر الأمور الأخرى؛ لقوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون {النور:4}.
ومن صفة الشهود: أن يكونوا عدولا.
ومن شرط الشهادة: أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأن تكون بالتصريح، لا بالكناية.
فلا فرق بين الاغتصاب والزنى إلا في كون الإثم، والحد ساقطين عن المرأة في الاغتصاب دون الزنى، وأن لها حقوقا على المغتصب؛ حيث يجب لها عليه مهر المثل.
هذا بالإضافة إلى أن المغتصب يستحق التعزير أيضا، وهي عقوبة لم يرد في الشرع تحديدها، ولكنها ترجع إلى اجتهاد الحاكم.
ثم إن المغتصب إذا اشتمل فعله على نوع من الخطف، كان ذلك حرابة، يستحق به حد الحرابة أيضا، إذا ثبتت هذه الحرابة بالبينة، ويكفي فيها شاهدان، كما في تبصرة الحكام لابن فرحون المالكي، وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 334744.
وإثبات الاغتصاب بالوسائل الطبية الحديثة، أو آثار المقاومة، أو الضرب على جسد المغتصب، لا يصح؛ لأن الشرع جعل لإقامة حد الزنى أربعة من الشهود، مع تحديد كيفية معينة لأداء الشهادة فيه، وكل ذلك من أجل الستر، وصيانة الأنفس، والأعراض، فلا يجوز العدول عن ذلك، والاكتفاء بوسائل قد لا يثبت بها ما هو أخف من الزنى.
والله أعلم.