السؤال
لدي جار يصلي مع الجماعة، ثم يعيد منفردا؛ بحجة أن الجماعة صلوا لغير الوقت، فيعيد صلاته منفردا، يعيد صلاة الفجر؛ فرضه والسنة، يعيدهما، وفعله مبني على ظن أو كما يقال له من غير تثبت، مع العلم أنه ليس من طلبة العلم، ولا يجالس العلماء، بل بنى فعله على ماقاله له بعض الأصدقاء.
فما حكم فعله -جزاكم الله خيرا- وأرجو نصيحة جامعة لنا في الجزائر؛ لأنه يقال إننا نصلي لغير الوقت، ولكن لا أحد يعلم هل هذا ثابت في منطقة وغير ثابت في أخرى؛ فإنا من بلدنا نحسن الظن بكم. أرجو إفادتنا.
بارك الله فيكم، وجازاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فوقت صلاة الفجر يبدأ بطلوع الفجر الصادق ــ وهو البياض المنتشر في الأفق من الشمال إلى الجنوب ــ وينتهي بطلوع الشمس، ولا تصح الصلاة إلا بتيقن دخول الوقت، أو غلبة الظن. وأما مع الشك فلا تصح؛ كما بيناه في الفتوى رقم 334294 ، والأصل أن جماعة المسجد يصلون الصلاة لوقتها، ويتحرون في ذلك ويحرصون عليه، ولا ينبغي التشكيك في هذا لمجرد قول قيل من غير أن يكون صادرا عمن يوثق به من أهل العلم، فإذا لم يعلم مصدر ذلك القول المشكك في وقت الصلاة، وأنه صادر ممن عرف بالعلم، فلا ينبغي الالتفات إليه.
ومن صلى الصلاة في وقتها لم يشرع له إعادتها من غير سبب شرعي يقتضي الإعادة.
جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية متحدثا عن إعادة الصلاة المفروضة من غير سبب: ولا ريب أن هذا منهي عنه, وأنه يكره للرجل أن يقصد إعادة الصلاة من غير سبب يقتضي الإعادة؛ إذ لو كان مشروعا للصلاة الشرعية عدد معين كان يمكن الإنسان أن يصلي الظهر مرات, والعصر مرات, ونحو ذلك, ومثل هذا لا ريب في كراهته. اهــ
وما دام أن جارك الذي أشرت إليه عامي ليس له حظ من العلم، فإن فرضه أن يسأل أهل العلم في بلده عن صحة قول ما أخبره به صاحبه من عدم دخول وقت الفجر، ثم يعمل بما يفتيه به أهل العلم لا أهل الجهل، عملا بقول الله تعالى: ... فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. [سورة النحل:40]
قال القرطبي: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. اهـ
ونصيحتنا لكم ولسائر إخواننا المسلمين ــ بعد الأمر بتقوى الله تعالى ــ هو الحرص على جمع الكلمة على الحق، والبعد عن التنازع والاختلاف، وإن حصل شيء من ذلك، فاعملوا بما أمركم الله به، وهو رد الاختلاف والتنازع إلى كتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا. [النساء: 59].
والله تعالى أعلم.