الترغيب في تجميل الهيئة وتقوية الجسم

0 56

السؤال

حكم من يلعب الرياضة بنية أن يجعل جسمه شكله أفضل، وجميل، وعضلات مقسمة، ويظهر عضلات بطنه لا لكي يتفاخر بها، أو نية محرمة. فهل يدخل تحت حديث: الله جميل يحب الجمال. طالما مارسها بالضابط الشرعي؟ الرجل بفطرته يحب أن يكون جسمه وملبسه وغيره جميل الشكل، ويسعد بذلك، والعكس صحيح. وهل فعلا يكره للرجل أن يترك جسمه في منظر بشع، وسمين، ومنفر قياسا على كراهية ترك اللحية والشعر بشكل منفر وقبيح. فقد ذم الرسول -صلى الله عليه وسلم- السمنة بقوله في حديث عن آخر الزمان: يكثر فيهم السمن.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فممارسة الرياضة أمر حسن، وإن صحبتها نية صالحة كنية التقوي على طاعة الله، ونحو ذلك، فهي طاعة يثاب عليها صاحبها، وإن صحبتها نية مباحة كإصلاح الشكل، وتجميل المنظر، فهي من جملة المباحات، ولا يأثم الشخص بذلك بل هو داخل في عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الله جميل يحب الجمال. أخرجه مسلم.

ولا شك في أن كون المسلم حسن الهيئة، متناسق الجسم، قوي البنية أمر حسن محمود، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. أخرجه مسلم. وهذا يشمل قوة البنية لما فيه من العون على القيام بحق الطاعة.

قال النووي في شرح مسلم: والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس، والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد، وأسرع خروجا إليه، وذهابا في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار، وسائر العبادات، وأنشط طلبا لها، ومحافظة عليها، ونحو ذلك. وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- وفي كل خير. فمعناه في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات. انتهى.

وقال القرطبي في المفهم: أي المؤمن القوي البدن والنفس الماضي العزيمة الذي يصلح للقيام بوظائف العبادات من الصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما يصيبه في ذلك وغير ذلك مما يقوم به الدين وتنهض به كلمة المسلمين فهو الأفضل والأكمل وأحب عند الله تعالى، وأما الضعيف الذي لم يكن كذلك من المؤمنين ففيه خير من حيث إنه كان مؤمنا قائما بالصلوات مكثرا لسواد المسلمين، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (وفي كل) مؤمن قويا كان أو ضعيفا (خير) لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات، ولكنه قد فات الضعيف الحظ الأكبر والمقام الأفخر. انتهى.

فقوة البدن وإن لم تكن مرادة بالأصل من الحديث لكنها إن وجدت زادت المؤمن خيرا بحيث إنه إن استعان بها على طاعة الله تعالى كان خيرا ممن لم يحصل له ذلك. وأشعر قوله -صلى الله عليه وسلم-: وفي كل خير، إلى أن الضعيف غير آت بما يكره، وأنه مأجور على ما يأتي به من الخير بحسب استطاعته.

وأما حديث: ويظهر فيهم السمن. فهو ذم للسمن لا من حيث هو، ولكن من حيث السبب الجالب له، وهو التوسع في الدنيا، والتكثر من المآكل والمشارب ونحو ذلك، وأما من كان سمينا خلقة فليس هو مذموما.

قال العيني في شرح البخاري: قوله: ويظهر فيهم السمن، بكسر السين المهملة وفتح الميم بعدها نون، معناه: أنهم يحبون التوسع في المآكل والمشارب، وهي أسباب السمن. وقال ابن التين: المراد ذم محبته وتعاطيه لا من يخلق كذلك. وقيل: المراد، يظهر فيهم كثرة المال، وقيل: المراد أنهم يتسمنون أي: يتكثرون بما ليس فيهم، ويدعون ما ليس لهم من الشرف، ويحتمل أن يكون جميع ذلك مرادا، وقد رواه الترمذي من طريق هلال بن يساف عن عمران بن حصين بلفظ: ثم يجيء قوم فيتسمنون، ويحبون السمن. انتهى.

والحاصل أن قوة البدن أمر مطلوب مأمور به، وحسن هيئة المسلم أمر حسن كذلك، ولا يذم من كان بضد هذه الحال إن كان ذلك خلقة ما دام قائما بما افترضه الله عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات