من تلفظ بكلمة الكفر غير مدرك لما يقول

0 34

السؤال

أنا في ضيق شديد، وأسف على أمي؛ لدرجة أنني لا أستطيع النظر إلى وجهها، فأمي تقيم جميع الفرائض، والسنن والنوافل، وتقرأ القرآن باستمرار، ودائمة الذكر لله، وتحثنا على الصلاة، وقراءة القرآن، ولكن قبل أيام أصابها غضب شديد جدا إثر نقاش بينها وبين أخي، وبدأت باللطم، والدعاء على نفسها، وعلينا، وفي لحظة ما قامت -والعياذ بالله- بسب الذات الإلهية، وعندما هدأت وراجعناها في الأمر، قالت: إنها لم تكن تعي ما تقول، وندمت، وبكت، واستغفرت، واغتسلت حتى ترجع للملة، كما هو موضح في موقعكم، وأنا في حيرة من أمري، فهي من أكثر الناس تدينا، وذكرا الله، فما الخلل العقائدي الموجود لديها؛ حتى تتلفظ بما يخرجها عن الملة؟ وهل تقبل توبتها؟ وما دوري -كوني ابنتها- حتى أمنع تكرار هذا الفعل الشنيع؟ علما أني خجلة منها، وفي حالة بغض لها، وحزن على ما ألم بها من ضياع دينها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فما دامت أمك تلفظت بهذه الكلمات الشنيعة غير مدركة لما تقول؛ لفقدها عقلها بسبب شدة الغضب؛ فإنها لا تكفر بذلك، ولا تأثم؛ لانتفاء التكليف عنها في هذه الحال، جاء في فتاوى ابن عثيمين -رحمه الله-: ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفرا وردة، ولكن المتكلم بها، قد لا يكفر بها؛ لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب، نقول له: إن كان غضبك شديدا، بحيث لا تدري ماذا تقول، ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض، وتكلمت بكلام لا تستحضره، ولا تعرفه، فإن هذا الكلام لا حكم له، ولا يحكم عليك بالردة؛ لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد، فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به، يقول الله تعالى في الأيمان: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} [المائدة:89]. انتهى.

فالذي عليك نحو والدتك أن تبريها، وتحسني إليها، وتأمريها بالمعروف، وتنصحيها بالحذر من الغضب، فإنه مفتاح الشر، فعن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم، أوصني، قال: لا تغضب. فردد مرارا، قال: لا تغضب. رواه البخاري. قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة