واجب من باع سلعة مغشوشة

0 31

السؤال

أنا شريك في شركة تورد مواد خام لشركة أخرى، ولكنها لا تستلم منا هذه المادة الخام، بل تذهب إلى مصنع يقوم بإعادة تشكيلها، وردها إلى هذه الشركة، ويأخذ منها ثمن التصنيع بالإضافة إلى ثمن المادة الخام؛ لأن المصنع هو الذي يقوم بدفع الثمن لنا، وبعد فترة من التعامل قام المصنع بطلب عمولة من شريكي، ويتم إضافة هذه العمولة على الشركة التي نبيع لها دون علمهم. فقام شريكي بالتقليل من نسبة المادة الخام المتفق عليها مع الشركة من 60% الى 54%، ودفع ثمن هذا الفرق في المادة بالإضافة لجزء من ربحنا كعمولة للمصنع حتى يستمر معنا في هذا العمل. وأنا كنت لا أعلم، وعندما علمت طلبت من شريكي التوقف؛ لأن هذا غش ورشوة رفض. طلبت منه الانفصال، علما بأن شركتنا تعمل في أشياء أخرى ليس بها شبهة، واختلط المال، وشريكى يقول إن معظم الربح يأتي من هذا العمل الذى به دفع الرشوة.
فما الحكم؟ وماذا أفعل في مالي؟ ولو أخرج من مالي فما هو المقدار؟ علما أن الشراكة استمرت خمس سنوات، وأنا لا أعلم؛ لأني لست موجودا بالشركة. وشريكي يقول هذا التقليل في النسبة هو مجبر عليه؛ حتى نستطيع تحقيق ربح، ولو استمر على نسبة 60% مع دفع العمولة لن يكون هناك ربح، ولو رفض دفع العمولة لن يسمح لنا هذا المصنع بالتعامل مع هذه الشركة، وسيبحث عن غيرنا يدفع لهم، ويعمل مع الشركة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لشريكك، ولا لهذا المصنع القيام بما اتفقا عليه من أمر هذه العمولة، طالما أنها تؤخذ من الشركة دون علمها، بالإضافة إلى الغش الحاصل في طريقة دفع هذه العمولة، وتعويضها بتقليل نسبة المادة الخام المتفق عليها مع الشركة من 60% إلى 54% !! بخلاف الجزء المدفوع من ربحكم، فهذا لا إشكال فيه.
والحاصل أنه لا يجوز لك الاستمرار في هذه الشركة القائمة على الغش وأكل المال بالباطل في معظم أرباحها، فإما أن يتجنب شريكك المعاملات المحرمة، وأما أن تفض الشركة معه. وهذا فيما تستقبل. وأما ما مضى، فالواجب عليك أنت وشريكك إما استحلال أصحاب الشركة التي اشترت منكم هذه الخامات بنسبة تركيز أقل من المتفق عليه، وإما أن تردوا لها قيمة الفرق بين ثمنها بنسبة 60% وثمنها بنسبة 54%، يتحمل كلاكما من ذلك بقدر حصته من الربح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى): من باع مغشوشا لم يحرم عليه من الثمن إلا مقدار ثمن الغش، فعليه أن يعطيه لصاحبه، أو يتصدق به عنه إن تعذر رده، مثل أن يبيع معيبا مغشوشا بعشرة، وقيمته لو كان سالما عشرة، وبالعيب قيمته ثمانية، فعليه إن عرف اشترى أن يدفع إليه الدرهمين إن اختار، وإلا رد إليه المبيع، وإن لم يعرفه تصدق عنه بالدرهمين. اهـ.
وقال البهوتي في كشاف القناع: (وإذا وجد) بالبناء للمفعول (ذلك) الغش، ولو بلا قصد من البائع أو غيره (ولم يكن للمشتري به علم فله الخيار بين الفسخ وأخذ تفاوت ما بينهما) من الثمن، بأن تقوم غير مغشوشة بذلك، ثم تقوم مغشوشة به ويؤخذ بقسط ما نقص من الثمن؛ لأنه عيب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة