السؤال
قال تعالى: "القوم الظالمين"، هل الظلم المقصود هنا هو الظلم المنتشر بين الناس؛ مثل أن يظلم الرجل زوجته مثلا في معاملتها؟
قال تعالى: "القوم الظالمين"، هل الظلم المقصود هنا هو الظلم المنتشر بين الناس؛ مثل أن يظلم الرجل زوجته مثلا في معاملتها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظلم ظلمان: ظلم أكبر: وهو ظلم العبد نفسه بالشرك، وهو وضع العبادة في غير موضعها.
وظلم أصغر: وهو ظلم العباد بعضهم بعضا، وكذا ظلم العبد نفسه بالمعاصي، قال ابن القيم: وسمى الكافر ظالما، كما في قوله تعالى: {والكافرون هم الظالمون}، وسمى متعدي حدوده في النكاح، والطلاق، والرجعة، والخلع ظالما، فقال: {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}، وقال يونس نبيه: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، وقال صفيه آدم: {ربنا ظلمنا أنفسنا}، وقال كليمه موسى: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي}.
وليس هذا الظلم مثل ذلك الظلم, ويسمى الكافر فاسقا، كما في قوله: {وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه}، وقوله: {وقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون}، وهذا كثير في القرآن.
ويسمى المؤمن العاصي فاسقا، كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، نزلت في الحكم بن أبي العاص، وليس الفاسق كالفاسق, وقال تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون}، وقال عن ابليس: {ففسق عن أمر ربه}، وقال: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق}، وليس الفسوق كالفسوق.
والكفر كفران, والظلم ظلمان, والفسق فسقان, وكذا الجهل جهلان: جهل كفر، كما في قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}، وجهل غير كفر، كقوله تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب}. انتهى.
وإذا علمت هذا؛ فإن ظلم الرجل زوجته من الظلم الذي هو دون ظلم، وليس هو الظلم الأكبر المخرج من الملة.
وأما بعض الآية المصدر به السؤال، فينبغي ذكرها بتمامها؛ لنجيبك عما إذا كان المقصود بها الظلم الأكبر، أو الأصغر.
والله أعلم.