مذاهب العلماء في كيفية التخلص من الأوراق المكتوب فيها ما هو معظم شرعا

0 144

السؤال

هل يكفي عندما أمزق ورقة فيها آية أو اسم من أسماء الله أن أمزقها طوليا، بحيث تفصل الحروف بعضها عن بعض، ولا تبقى كلمة كاملة ظاهرة، وهو ما فهمته من الفتوى: 26385. حتى لو كانت الحروف المفرقة ظاهرة كل حرف أو حرفين في قصاصة؟ لأنني قرأت في الفتوى 299515. أنه لا بد أن تزول الحروف. هل المقصود الحروف وهي مجتمعة؟ أم مفرقة. أم هذا خاص بالمصحف؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فمن أهل العلم من يرى أنه لا يكفي تفريق الحروف، بل لا بد من إزالتها بحيث لا تظهر، لأن الحروف المقطعة عندهم حكمها حكم الكلمة المعظمة الكاملة، فكأنها لم تقطع؛ ولهذا قالوا: لا يجوز تفريق حروف الكلمة المحترمة شرعا ــ كاسم الله تعالى ــ لأن تفريقها إزراء بها.

ومن أهل العلم من يرى أن تفريق حروف الكلمة المعظمة جائز ويكفي، وأن الحروف المقطعة لا تأخذ حكم الكلمة الكاملة، وأن تعظيمها إنما هو لاجتماع الحروف.

وقد لخص أقوالهم ابن حجر الهيتمي الشافعي في فتاواه الفقهية الكبرى، فقد جاء فيها:
(وسئل) فسح الله في مدته عمن وجد ورقة ملقاة في الطريق فيها اسم الله ما الذي يفعل بها؟
(فأجاب) بقوله: قال ابن عبد السلام: الأولى غسلها لأن وضعها في الجدار تعريض لسقوطها والاستهانة بها.
وقيل: تجعل في حائط.
وقيل: يفرق حروفها ويلقيها، ذكره الزركشي.
فأما كلام ابن عبد السلام فهو متجه؛ لكن مقتضى كلامه حرمة جعلها في حائط، والذي يتجه خلافه، وأن لغسل أفضل فقط. وأما التمزيق فقد ذكر الحليمي في منهاجه أنه لا يجوز تمزيق ورقة فيها اسم الله أو اسم رسوله لما فيه من تقطيع الحروف وتفريق الكلمة، وفي ذلك إزراء بالمكتوب، فالوجه الثالث شاذ لا ينبغي أن يعول عليه.
فإن قلت: وجه الضعيف أيضا أن هذه الحروف لما ركب منها هذا الاسم المعظم ثبت لها التعظيم، فتفريقها بعد ذلك لا يوجب إهدار ما ثبت لها.
قلت: إنما يأتي ذلك على ما مال إليه السبكي من أن الحروف المقطعة حكمها حكم الكلمات الشريفة، ومقتضى كلامهم خلافه ... اهــ
وهذا الكلام يفيد بأن من العلماء من يرى أن الحروف المقطعة من الكلمة المحترمة شرعا لها نفس حرمة تلك الكلمة، فكما أن الكلمة تامة لا تهان ولا ترمى، فكذا حروفها المقطعة، ونحن نرى أن تفريق الكلمة إلى حروف يكفي، ولا يلزم تفتيت كل حرف من تلك الحروف، إذ المشقة في هذا ظاهرة، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة