رتبة: قصة امتناع بلال عن الأذان بعد وفاة النبي

0 30

السؤال

ما صحة قصة: بل ابق، وأذن لنا يا بلال؟
انتشرت على الانترنت قصة تبدو مختلقة عن توقف بلال بن رباح عن الأذان بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو نص القصة: (ذهب بلال إلى أبي بكر -رضي الله عنه- يقول له: يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله, قال له أبو بكر: فما تشاء يا بلال؟ قال: أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت, قال أبو بكر: ومن يؤذن لنا؟ قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع: إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, قال أبو بكر: بل ابق، وأذن لنا يا بلال, قال بلال: إن كنت قد أعتقتني لأكون لك، فليكن ما تريد، وإن كنت أعتقتني لله، فدعني وما أعتقتني له, قال أبو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال, فسافر إلى الشام حيث بقي مرابطا ومجاهدا يقول عن نفسه: لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان إذا أراد أن يؤذن، وجاء إلى: أشهد أن محمدا رسول الله تخنقه عبرته، فيبكي، فمضى إلى الشام، وذهب مع المجاهدين, وبعد سنين رأى بلال النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه، وهو يقول: ما هذه الجفوة يا بلال؟! ما آن لك أن تزورنا؟! فانتبه حزينا، فركب إلى المدينة، فأتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعل يبكي عنده, ويتمرغ عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يقبلهما ويضمهما، فقالا له: نشتهي أن تؤذن في السحر, فعلا سطح المسجد، فلما قال: الله أكبر الله أكبر, ارتجت المدينة، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، زادت رجتها، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله, خرج النساء من خدورهن، فما رؤي يوم أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم, وعندما زار الشام أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- توسل المسلمون إليه أن يحمل بلالا على أن يؤذن لهم صلاة واحدة، ودعا أمير المؤمنين بلالا، وقد حان وقت الصلاة, ورجاه أن يؤذن لهم، وصعد بلال, وأذن, فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبلال يؤذن، بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا، وكان عمر أشدهم بكاء, وعند وفاته تبكي زوجته بجواره، فيقول: لا تبكي, غدا نلقى الأحبة, محمدا وصحبه)
أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، وسلم، أما بعد:

فالقصة المذكورة لم ترد -فيما نعلم- بهذا السياق بتمامه، وبهذا اللفظ، والذي يظهر أن كاتبها قام بجمعها من عدة روايات وأدمجها في سياق واحد، ونلخص الجواب فيما يلي:
1) فقصة امتناع بلال عن الأذان بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقوله لأبي بكر: أعتقتني لله أو لنفسك؟ قال: لله قال: فائذن لي في الغزو. فأذن له فذهب إلى الشام فمات ثم. رويت بأسانيد منقطعة فيما وقفنا عليه، فقد وردت عن سعيد بن المسيب وأيضا عن محمد بن إبراهيم التيمي وكلاهما من التابعين الذين لم يدركوا زمن أبي بكر الصديق، وقد قال عنه شعيب الأرناؤوط في تحقيق السير: سنده منقطع، وعلي بن زيد ضعيف. اهــ، ثم إنه ليس في روايتهم قصة الرؤيا والقدوم إلى المدينة.
2) وقصة رؤيا بلال للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقدومه إلى المدينة لزيارة قبره، وأذانه وبكاء الناس، هذه القصة ضعفها أهل العلم بالحديث، وممن تكلم على إسنادها بشيء من التفصيل ابن عبد الهادي في كتابه " الصارم المنكي " وقال: هو أثر غريب منكر وإسناده مجهول وفيه انقطاع ...اهــ

وذكرها الذهبي في السير وقال: إسناده لين، وهو منكر. اهــ

وقال عنها الشيخ الألباني: فهذه الرواية باطلة موضوعة، ولوائح الوضع عليها ظاهرة. اهــ.
3) وقصة أذان بلال لعمر لما قدم الشام وبكاء الناس رواها البخاري في تاريخه الأوسط - وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق - وأبو داود في الزهد من طريقين عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قدمنا الشام مع عمر، فأذن بلال، فذكر الناس النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم أر يوما أكثر باكيا منه.

قال محققو كتاب الزهد (ص238): فيه هشام بن سعد المدني وقد تكلم فيه؛ إلا إنه من أثبت الناس في زيد بن أسلم؛ كما قال أبو داود ... وبقية رواته ثقات. اهـ. 

4) وأما قول بلال لما حضرته الوفاة: غدا نلقى الأحبة .. فرواه ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين - وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن الجوزي في الثبات عند الممات -: حدثني أبو الحسن، قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال بلال حين حضرته الوفاة ... اهـ.

قال الزبيدي في إتحاف السادة المتقين: سعيد بن عبد العزيز التنوخي الدمشقي، روى له مسلم والأربعة، وقد أسند عن التابعين. اهـ. 

يعني أن روايته عن الصحابة منقطعة.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات