السؤال
رجل ينفث عن يساره بعد الاستفتاح دائما، فما حكم فعله؟ وهل صلواته السابقة باطلة؟ علما أن فيه شيئا من الوسوسة.
رجل ينفث عن يساره بعد الاستفتاح دائما، فما حكم فعله؟ وهل صلواته السابقة باطلة؟ علما أن فيه شيئا من الوسوسة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم عن عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي، وقراءتي، يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان، يقال له: خنـزب، فإذا أحسسته، فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني.
فدل هذا الحديث على مشروعية التعوذ، والتفل على اليسار ثلاثا، داخل الصلاة، وقت إحساس المصلي بوسوسة الشيطان، وذلك بأن يميل برأسه شيئا قليلا جهة اليسار، فيتفل تفلا هينا، كأنه يخرج شيئا مما علق بلسانه، ويقول بصوت خافت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم يتم صلاته، قال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: العبد إذا تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتفل عن يساره، لم يضره ذلك، ولا يقطع صلاته، بل هذا من تمامها، وكمالها. انتهى.
والتفل: نفخ معه قليل من الريق. جاء في "لسان العرب" - مادة: "تفل": التفل: لا يكون إلا ومعه شيء من الريق، فإذا كان نفخا بلا ريق، فهو النفث. انتهى.
وإذا كان في صلاة الجماعة، فكيف يتفل عن يساره؟
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب: قد يقول قائل: إذا كان الإنسان مع الجماعة، فكيف يتفل عن يساره؟
فالجواب: إن كان آخر واحد على اليسار، أمكنه أن يتفل عن يساره في غير مسجد، وإلا فليتفل عن يساره في ثوبه، في غترته، في منديل، فإن لم يتيسر هذا؛ كفى أن يلتفت عن يساره، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. انتهى. فعلم مما تقدم مشروعية التفل، والاستعاذة عند الحاجة، كما في حال الوسوسة.
وأما النفث أثناء الصلاة بلا حاجة، وبلا وسوسة، فهو مكروه، كما ذكر ذلك بعض العلماء: قال في الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية: والنفث بثوب، أو غيره لحاجة، كامتلاء فمه بالبصاق، والنفث هو البصاق بلا صوت، وكره النفث لغير حاجة، وبطلت الصلاة، إن كان بصوت.
قال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير: والحاصل أن البصاق في الصلاة إما لحاجة، أو لغيرها؛ وفي كل، إما أن يكون بصوت، أو بغيره. فإن كان لحاجة، فهو جائز كان بصوت، أم لا، ولا سجود فيه اتفاقا. وإن كان لغير حاجة، فإن كان بغير صوت، كان مكروها، وفي السجود لسهوه قولان. وإن كان بصوت، بطلت إن كان عمدا، وإن كان سهوا، سجد على المعتمد.
وتراجع الفتوى: 293755، والفتوى: 173417، والفتوى: 67678 للفائدة.
والله أعلم.