حكم قول: "لعله خير" عند حلول المصيبة، ومعاني لعلّ

0 36

السؤال

ما حكم قول: "لعله خير" عند حلول ضرر، أو مصيبة؟ فلي صديقة تخبرني بأن الله قدر لنا الخير في كل الأحوال، ولعل تفيد الشك، أو الترجي، وقدر الله خير لنا في جميع الأحوال، فلا نستعمل "لعل" في ذلك، وعلي أن أقول بدلا من ذلك: "مؤكد هو خير"، فهل في رأيها صواب؟ وهل في قولي خطأ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالقدر كله خير، من حيث نسبته لله تعالى.

وأما من حيث نسبته لبعض العباد، وأثره عليهم، فمنه ما يكون خيرا لهم، ومنه ما يكون شرا لهم؛ ولذلك قال تعالى: وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم {البقرة:216}، وقال سبحانه: ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم {آل عمران:180}

والله تعالى يبتلي عباده بالخير والشر كليهما، كما قال عز وجل: ونبلوكم بالشر والخير فتنة {الأنبياء: 35}، ثم هم يتفاوتون مع هذا الابتلاء: فمنهم من يفلح، ومنهم من يخسر، كمن قال الله فيهم: ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله .. {العنكبوت:10}.

وإذا تبين هذا؛ فقول القائل عند حصول المكروه: (لعله خير) يعني بالنسبة له خصوصا، وما يؤول إليه حاله، ولا يعني بالنسبة لخلق الله تعالى، وتقديره للمقادير.

على أن (لعل) لا تقتصر دلالتها على معنى الترجي، فلها عدة معان أخرى، قال الزجاجي في حروف المعاني والصفات: (لعل) لها ثلاثة أوجه: تكون شكا، وإيجابا، واستفهاما، فالشك قولك: لعل زيدا يقوم. والاستفهام قولك في الخطاب: لعل زيدا يقوم. كما تقول: أتظن زيدا يقوم، تواجه بذلك من تخاطب. والإيجاب قولك: {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}. ولها معنى رابع وهو الترجي. اهـ.

وأمر ثالث مهم، وهو أن الترجي قد يحمل أحيانا على معنى اليقين، وتحقق الوقوع، كما في قوله تعالى: وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا {الأحزاب:63}، وقوله سبحانه: وما يدريك لعل الساعة قريب {الشورى:17}، مع القطع بقربها، ودنو قيامها، كما قال تعالى: اقتربت الساعة وانشق القمر {القمر: 1}؛ ولذلك سماها الآزفة، قال الماوردي في النكت والعيون: {أزفت الأزفة} أي: اقتربت الساعة، ودنت القيامة، وسماها آزفة؛ لقرب قيامها عنده. اهـ. وقال الطبري: يقول: دنت الدانية، وإنما يعني: دنت القيامة القريبة منكم -أيها الناس-، يقال منه: أزف رحيل فلان. إذا دنا، وقرب. اهـ.

وقال تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه {النحل:1}، قال الشنقيطي في أضواء البيان: أي: قرب وقت إتيان القيامة. وعبر بصيغة الماضي تنزيلا لتحقق الوقوع منزلة الوقوع. واقتراب القيامة المشار إليه هنا، بينه - جل وعلا - في مواضع أخر، كقوله: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} .. اهـ.

وإذا تقرر هذا؛ عرف أن رأي السائلة هو الصواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة