من أشهد وأقرّ عند القاضي بالطلاق كاذبًا

0 11

السؤال

قبل 4 سنوات ذهبت إلى المحكمة، وأخذت معي شاهدين، وقلت للقاضي: إنني طلقت زوجتي بالثلاث، وأنا في الواقع لم أطلقها، مع العلم أنه توجد طلقتان سابقا، فهل طلاقي الأخير الذي كان في المحكمة، مع الشهود على الطلاق، وقع أم لا، رغم أنني في الواقع لم أطلق زوجتي؟ وهل توجد طريقة لإرجاعها؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

اختلف العلماء فيمن أقر عند القاضي، أو غيره بالطلاق كاذبا:

فذهب بعضهم -كالحنابلة- إلى وقوع الطلاق ديانة، وقضاء، قال صاحب مختصر الخرقي الحنبلي: ولو قال طلقتها، وأراد الكذب؛ لزمه الطلاق. انتهى. 

بينما ذهب الأحناف، والمالكية، والشافعية، إلى أن من أقر بالطلاق كاذبا؛ فإنه يقع قضاء، لا ديانة، وتبقى زوجته في الباطن، قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: ولو أقر بالطلاق وهو كاذب؛ وقع في القضاء. وصرح في البزازية بأن له في الديانة إمساكها، إذا قال: أردت به الخبر عن الماضي كذبا. انتهى. 

وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني -المالكي- في النوادر والزيادات: ومن العتبية من سماع أشهب، وعن امرأة كتبت إلى ابنها ليزورها، فأبى، فقالت لزوجها: اكتب إليه أنك طلقتني، لعله أن يأتي. فكتب بذلك إليه، ولم يرد طلاقا. قال: إن صح ذلك وجاء مستفتيا، فلا شيء عليه. انتهى.

وقال العلامة زكريا الأنصاري -الشافعي- في أسنى المطالب: (وإن أقر بالطلاق كاذبا، لم تطلق) زوجته (باطنا)، وإنما تطلق ظاهرا. انتهى.

والظاهر هو مذهب الأحناف، والمالكية، والشافعية؛ لأن الإقرار لا يقوم مقام الإنشاء. والإقرار إخبار محتمل للصدق والكذب، يؤاخذ عليه صاحبه ظاهرا، أما ما بينه وبين الله، فالمخبر عنه كذبا، لا يصير بالإخبار عنه صدقا؛ فلهذا لا يقع طلاقه باطنا. ومذهب الجمهور هذا هو الراجح.

وعليه؛ فإن كنت تعلم بينك وبين الله أنك لم تطلقها، وأن إقرارك عند القاضي لم يكن بقصد إنشاء للطلاق، وإنما هو إخبار عن حال غير مطابق للواقع، فلا تزال زوجتك ديانة، لكن نظرا لأنك ذكرت أنك قد طلقتها في الواقع طلقتين من قبل، فابتعد عن الأسباب المؤدية إلى إيقاع الطلاق الثالث؛ إذ لو أوقعته فلن تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا -نكاح رغبة، لا نكاح تحليل- ثم يطلقها بعد الدخول بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات