السؤال
لدي مال حرام كثير، وهو مسروق عن طريق الاختراقات البرمجية، وأنا لا أريد المال الحرام، لكن الفقر هو السبب، وأريد الحصول على قرض؛ لأستثمر به، وأدفع لهم من هذا المال الحرام، وراودتني فكرة مبادلته بمال حلال، فهل مالي الحرام سيبقى حراما رغم كل هذا!؟ أرجو تفسيرا دقيقا -جزاكم الله خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهديك سواء السبيل.
ويظهر من سؤالك الاستهانة، وعدم المبالاة بالسرقة، وأكل أموال الناس بالباطل.
ومجرد الفقر ليس مسوغا لسرقة أموال الناس، والعدوان عليها.
فنذكرك بوجوب المبادرة بالتوبة الصادقة إلى الله مما جنت يداك، وذلك بالندم الصادق على ما صنعت، والإقلاع الفوري، والعزم الصادق على عدم العود إليه، مع المبادرة برد تلك الأموال المسروقة إلى أصحابها.
وإن عجزت عن الوصول إليهم، تصدقت بها عنهم، وإن كنت فقيرا، أخذت منه قدر ما تدفع به ضرورتك، وتصدقت بالباقي عنهم، جاء في المجموع للنووي: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام، وأراد التوبة، والبراءة منه:
- فإن كان له مالك معين، وجب صرفه إليه، أو إلى وكيله.
فإن كان ميتا، وجب دفعه إلى وارثه.
- وإن كان لمالك لا يعرفه، ويئس من معرفته، فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالمساجد، وإلا فيتصدق به على فقير، أو فقراء.
- وينبغي أن يتولى ذلك القاضي، إن كان عفيفا.
فإن لم يكن عفيفا، لم يجز التسليم إليه.
فإن سلمه إليه، صار المسلم ضامنا، بل ينبغي أن يحكم رجلا من أهل البلد دينا عالما؛ فان التحكم أولى من الانفراد.
فإن عجز عن ذلك، تولاه بنفسه؛ فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة.
- وله أن يتصدق به على نفسه وعياله، إذا كان فقيرا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه.
وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير، وهذا الذي قاله الغزالي ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه. اهـ.
والحيل التي سألت، لا تبرأ بها ذمتك من الأموال المحرمة التي تعلقت بها!
وراجع في بيان شؤم المال المحرم على صاحبه، الفتوى: 145805، وراجع أيضا الفتوى: 307927.
والله أعلم.