السؤال
أرجو الإفادة في صحة القصة التالية عن موت إبليس، ووقت موته الواردة في تفسير أبي السعود، صفحة 78- الجزء الخامس، القصة: ".... وكعب الأحبار فيها يحدث الناس، وهو يقول: لما حضر آدم -عليه الصلاة والسلام- الوفاة قال: يا رب، سيشمت بي عدوي إبليس إذا رآني ميتا، وهو منظر إلى يوم القيامة؟ فأجيب: أن -يا آدم- إنك سترد إلى الجنة، ويؤخر اللعين إلى النظرة؛ ليذوق ألم الموت بعدد الأولين والآخرين، ثم قال لملك الموت: صف كيف تذيقه الموت؟ فلما وصفه قال: يا رب، حسبي ، فضج الناس، وقالوا: يا أبا إسحاق، كيف ذلك؟ فأبى، فألحوا، فقال: يقول الله سبحانه لملك الموت عقيب النفخة الأولى: قد جعلت فيك قوة أهل السماوات السبع، وأهل الأرضين السبع، وإني ألبستك اليوم أثواب السخط والغضب كلها، فانزل بغضبي وسطوتي على رجيمي إبليس، فأذقه الموت، واحمل عليه فيه مرارة الأولين والآخرين من الثقلين أضعافا مضاعفة، وليكن معك من الزبانية سبعون ألفا قد امتلؤوا غيظا وغضبا، وليكن مع كل منهم سلسلة من سلاسل جهنم...
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم نجد هذه القصة مسندة إلا في كتاب: (تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين) لأبي الليث السمرقندي الحنفي، المتوفي سنة 373هـ، فقال: حدثنا أبي -رحمه الله تعالى-، حدثنا محمد بن موسى بن رجاء، رفعه إلى أحنف بن قيس, قال: قدمت المدينة وأنا أريد عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فإذا أنا بحلقة عظيمة، فإذا بكعب الأحبار يحدث الناس، ويقول: لما حضر آدم ... فذكرها بطولها.
وهذا إسناد تالف لا يعتمد عليه؛ فبين محمد بن موسى بن رجاء، وبين الأحنف بن قيس، مفاوز شاسعة! لا تقل عن قرنين من الزمان، ومحمد هذا لم نجد له ترجمة إلا في كتب المشتبه، والمؤتلف والمختلف، فذكره ابن ماكولا في (الإكمال) في (كارزن) فقال: الكارزني: نسبة إلى كارزن من قرى سمرقند، هو أبو جعفر محمد بن موسى بن رجاء بن حنش الكارزني. اهـ.
وقال ابن ناصر الدين الدمشقي في توضيح المشتبه: هي قرية من قرى أربنجن من أعمال سمرقند. وحافد أبي جعفر المذكور محمد بن أحمد بن محمد بن موسى بن رجاء الكارزني أحد دهاقين كارزن ورؤسائها، روى عن أبيه، عن جده، وعنه أبو سعد الإدريسي، مات قبل السبعين وثلاث مائة. اهـ.
والقصة ذكرها بغير إسناد: أبو السعود في إرشاد العقل السليم، والخلوتي في روح البيان، والألوسي في روح المعاني، وكلهم كأبي الليث من الحنفية، فكأنهم أخذوها من كتابه.
والله أعلم.